[/FONT]
[FONT=Tahoma][/SIZE]
[SIZE=3]فلسطيني
... هل يحتاج الحب الى رقم؟ ... امس في دائرة الجنسية والاقامة جاءت فتاة عمرها (25) عاما، وسألت الموظف عن آلية الحصول على رقم وطني قالت له: انا عاطلة عن العمل منذ (4) سنوات، والمؤسسات الرسمية لا تعين احدا لا يحمل رقما وطنيا، واضافت انها تريد ان تحصل على رقم وطني.. وبكت ثم ذرفت دمعة حرّى صادقة وحقيقية.
... انا لا افهم ما سر قصة الرقم الوطني وكيف يقف عائقا امام منسوب الحب وامام زيادة الرصيد المحلي من الجمال.
... قلبي اتقطع ... واعترف ان قلبي (ارهيف) لكن ليسمحوا لنا ان نغير ارقامنا الوطنية، وانا جاهز سأعطيها رقمي الوطني ورقم الموبايل ورقم صفحتي في دفتر العائلة، واذا كان لا بد سأعطيها ارقام جميع القواشين ... بما فيها الاراضي المزروعة بالشعير.
... في النهاية نرضخ لقوانين الدولة ولكن فليسامح الله من قسمّ الحبَّ الى مسقط رأس في نابلس ومسقط رأس في الكرك وليسامح الله من حرمنا من ان نشكل فتيل القلب من نار... جبل النار.
... ليكن بالمعلوم اني اعتذرت للفتاة باسم الدولة الاردنية... قلت لها ان الحب لا يحدد بالرقم، واخبرتها ان اجدادي قاتلوا عن مشارف نابلس... ثم فسرت لها علاقة العيون والبندقية... شرحت لها شكل هذه العلاقة فهي لا تحدد بالرقم ولا بالجنسية ولا بمسقط الرأس ... وذابت عيوني في عيونها وكأن نابلس ولدت كركية او ان الجنوب أوقد ناره من جبالها.
... لو كانت الارقام الوطنية تؤخذ بالسيف ومن على ظهر خيل جامحة لهجمت على دائرة الجوازات مع اطلالة الفجر... واحضرت لها احلى رقم ... لو كانت الارقام تؤخذ بعطوة ... لجمعت ايضا كل الوجوه السمراء ومشيت في جحافلها من أجل رقم... ولكني احيانا أسأل نفسي سؤالاً... ولا اجد إجابة حين يدمر الحب الحدود ومساقط الرأس... كيف يقبل العقل ان تحدد النفوس بأرقام.
... المشكلة ان الفتاة ذرفت دمعة وشكت لي... وكل القصة انها تريد رقم... وانا ذرفت دمعة ورجوتها ان تأخذ كل ارقامي... وأحلامي وتفاصيلي.
... أعود الى السؤال الذي طرحته! هل يحتاج الحب الى رقم...؟ امس فقط احسست بمعنى كلمة فلسطيني فالنكبة لها ارقام (67، 48) واللجوء حدد برقم لكل لاجئ... وحتى العبور صار يحدد برقم بطاقة، والأنكى من كل ذلك ان الهوية الوطنية الفلسطينية صارت تحتاج رقما.
... ومع كل لجّة هذه الارقام ما زال هنالك شعب يعلمنا فن الحب... بعبارة أخرى ينفد العشق من العالم ولا ينفد من نابلس.
... أثّرت بي تلك الفتاة لدرجة ان تمنيت ان أقول لها خذوني رقما مع أرقامكم ... بودي ان أكون (فلسطيني).