تحريات خاصة حول جريمة العصر
بعد انقضاء ثلاثة اشهر كاملة على جريمة العصر,اغتيال القائد الفلسطيني الكبير "خليل الوزير",أبو جهاد,يبدو أن التحقيقات التي أجرتها الهيئات المعنية لم تسفر عن شئ يذكر,أو أنها ارتطمت بنهايات الطرق المسدودة التي لا يسمح عادة في قضايا الاغتيال السياسي باجتياز حدودها وهكذا بدا وكأن التحقيق قد اغلق نهائياً,أو أرجأ إلى اجل غير مسمى,بعد أن عجز عن حل كثير من الألغاز التي أحاطت بعملية اغتيال "أبو جهاد" في منزله في ضاحية "سيدي أبو سعيد"في تونس ليلة 16/4/1988 .
والحقيقة أن التحقيق في هذه القضية بالذات لا يمكن له أن يغلق,بل انه على الأرجح سيبقى مفتوح كالجرح النازف في الصدور إلى أن يعاقب القتلة على جريمتهم...أو تعاقب بعض الأنفس على التقصير.واذا كان من الصعب الاختيار بين واحد من هذين الاحتمالين, فأن الاصعب منهما معاً هو أن يجرؤ احد على متابعة التحقيق نفسه في هذه القضية الخطيرة والشائكة ,نظراً لطابعها السياسي المعقد,وفي ظروف تكاد تجمع فيها اطراف عديدة على ضرورة اغلاق ملفات هذا التحقيق...وليس اعادة فتحه.ويزداد الامر صعوبة نظراً للتشابك والتداخل ما بين الجانب الامني والجانب السياسي لقضية اغتيال القائد"أبو جهاد" واستحالة الفصل ما بين الجانبين في أي محاولة جديدة للتوصل إلى نتائج,أو على الاقل لإبقاء التحقيق حياً ...ومفتوحاً.
*كان لابد في البداية من التقاط خيط بارز من بين عشرات الخيوط التي نسجت شبكة عنكبوتية معقدة من الالغاز والطلاسم.
لم يكن الامر سهلا في بدايته لان اطرافاً كثيرة عملت على الفور على بث موجات متتابعة من الاشاعات المثيرة لتعويم المعلومات القليلة الصحيحة في محيط متلاطم من الاشاعات المغرضة,وبالتالي اغراق هذه المعلومات في القاع السحيق لهذا المحيط الذي لا تطفو على سطحه سوى الاشاعات المثيرة ...والمغرية بالتتبع. كان علينا أن نبتلع الطعم كالاسماك الصغيرة قليلة الخبرة,ونحن نهم بالتقاط الخيط الذي يبدأ طرفه باكثر الاشاعات اثارة وتشويقاً .
فبعد ساعات قليلة فقط من استشهاد القائد الفلسطيني الكبير"أبو جهاد" انتشرت فجأة اشاعة قوية عن فتاة حسناء قيل أنها شاركت مع مجموعة الكوماندس الاسرائيلي في جريمة الاغتيال .
كان لهذه الاشاعة المثيرة قوة جارفة حتى أن احد لم يعد يسأل عن اصل الاشاعة وصحتها,بل أن الكثيرين بدأوا على الفور في الادلاء "بمعلومات"مجانية وتفصيلات مذهلة عن الفتاة وملامحها واوصافها وصفاتها ولون ملابسها,نبرات صوتها,لهجتها في الحديث...وتفاصيل اخرى مذهلة ودقيقة ومدهشة.ورغم الاسهاب في هذه التفاصيل فأن احدا من كل الذين تحدثوا عن الفتاة لكنها سكتت عن ذكر اسمها,فهل كان اسم الفتاة"ديمونا"...ام أن لها اسماً آخر أو اسماء اخرى؟؟؟
الاشاعة التي نتتبعها قالت في البداية:أن الفتاة كانت معروفة جيداً لـِ"أبو جهاد"!!!
*و"اكد"اخرون هذه الفتاة دخلت إلى منزل "أبو جهاد من قبل بدعوى أنها صحفية أو أنها مراسلة لشبكة تليفزيونية اجنبية,لكن احداً مع ذلك لم يذكر اسمها .
*وفي تطور لاحق زاد اللغز تعقيداً عندما اعطى البعض "معلومات" اخرى عن علاقة الفتاة نفسها "بمصطفى" احد مرافقي الشهيد القائد"أبو جهاد"الذي جرى اغتياله على عتبة باب المنزل الخارجي قبل أن تقتحمه مجموعة الموساد الاسرائيلي ليلة الجريمة المروعة.
*"وقيل"ايامها أن الفتاة بلجيكية الجنسية,أو أنها ادعت ذلك للتمويه على اصلها الاسرائيلي,وانها كانت تقيم في تونس منذ قترة,وانها تمتلك سيارة حديثة تبرع البعض باعطاء اوصافها...و"قيل"ايضاً أن هذه الفتاة قد ذابت أو تبخرت وانها اختفت تماماً غداة عملية الاغتيال.
لكن لغز الحسناء القاتلة منحى جديدا عندما سربت اجهزة"الموساد"الاسرائيلي معلومات صحفية عن حسناء اخرى ,وقاتلة اخرى كانت قد شاركت في عملية فردان عام1972 التي نفذتها مجموعة للموساد في بيروت وقتها وجرى خلالها اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة"كمال عدوان",و"كمال ناصر" ,و"أبو يوسف النجار".