252 شهيدا
1100 منزل مدمر
2484 دونمًا مجرفة
…ومازالت صامدة
رفح مدينة تقع في أقصى جنوب فلسطين، على الحدود المصرية الفلسطينية، ويزيد تعداد سكانها عن مئة وثلاثين ألف نسمة. وتبعد عن مدينة غزة حوالي 35 كم، ويحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق خط الهدنة لعام 1948، ومن الجنوب الحدود المصرية، ومن الشمال مدينة خان يونس.
يكاد لا يمر يوم حتى يسمع عن هدم منازل، أو تجريف أراض، أو اجتياح لرفح، وسقوط عدد من الشهداء والجرحى، حيث سجلت رفح، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، قبل ثلاثة أعوام، أعلى نسبة من هدم المنازل، بشكل كلي أو جزئي، والتي تزيد عن ألف منزل، فيما تم تهجير الآلاف من سكانها، الذين هدمت منازلهم. كما كان لهذه المدينة نصيب كبير من عدد الشهداء والجرحى لاسيما الأطفال منهم.
وتعتبر الهجمة، التي تتعرض لها رفح منذ فجر يوم الجمعة 10 / 10 / 2003 من أكبر وأوسع الهجمات العسكرية، سواء على صعيد عدد القوات العسكرية الصهيونية، التي دخلت المدينة، والتي تقدر بحوالي 80 دبابة وآلية، أو على صعيد الخسائر البشرية، أو المدة الزمنية، التي مكث فيها جنود الاحتلال في المدينة.
وتقول إحصائية للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: إن قوات الاحتلال هدمت خلال الأعوام الثلاثة من انتفاضة الأقصى في رفح 1100 منزلاً، منها 641 منزلاً بشكل كلي، كان يقطنها 6247 فلسطينيًا، أصبحوا من غير مأوى، و459 بشكل جزئي، وذلك من أصل 2315 منزلاً تم هدمها في قطاع غزة.
وأضافت الإحصائية أن خلال العام الثالث من الانتفاضة دمرت فيه قوات الاحتلال في رفح 356 منزلاً بشكل كلي، من أصل 607 منزلاً دمرت في القطاع، فيما بلغت مساحة الأراضي المجرفة في المدينة المنكوبة منذ اندلاع الانتفاضة 2484 دونمًا، من أصل 20847 دونمًا جرفت في قطاع غزة.
وأكدت وزارة الزراعة الفلسطينية أن قوات الاحتلال الصهيوني قامت مؤخرًا بتجريف حوالي 160 دونماً ودفيئات زراعية، من أراضي المواطنين في رفح. وأفادت دائرة الإعلام في الوزارة، في تقرير لها، أطلعت عليه وكالة "قدس برس" أن قوات الاحتلال واصلت عمليات تجريف الأراضي الزراعية لليوم الثالث على التوالي في رفح، وشرعت بتجريف حوالي 160 دونماً، من بينها حوالي مائة دونم دفيئات زراعية مزروعة بالخضار، والباقي خضار مكشوفة، وبيارة حمضيات، وأشجار فواكه منوعة ونخيل، وتدمير بئر مياه، وشبكات الري، إضافة إلى عدد من برك المياه الزراعية، وتجريف مزرعة دواجن بمعداتها ومحتوياتها في منطقة مصبح شمال مدينة رفح.
وتعتبر رفح من المدن التاريخية القديمة؛ فقد أنشأت قبل خمسة آلاف سنة، وعرفت بأسماء عديدة، فقد عرفها الفراعنة باسم "روبيهوي"، وأطلق عليها الآشوريون اسم "رفيحو"، وأطلق عليها الرومان واليونان اسم "رافيا"، فيما أطلق عليها العرب اسم "رفح".
وما زاد من أهمية هذه المدينة، عبر التاريخ، هو مرور خط السكك الحديدية الواصل بين القاهرة وحيفا في أراضيها. وقد اقتلع هذا الخط بعد عدوان عام 1967، كما قسمت مدينة رفح إلى قسمين بعد اتفاقية كامب ديفيد، حيث انفصلت رفح سيناء عن رفح الأم. وتقدر مساحة ما ضم إلى الجانب المصري بحوالي4000 دونم، وبقي من مساحة أراضيها 15500 دونم، اقتطع منها حوالي 3500 للمستوطنات اليهودية.
وعلى صعيد الخسائر البشرية لهذه المدينة المنكوبة، فقد أفاد الدكتور علي موسى مدير مستشفى (أبو يوسف النجار) في المدينة، وهو المستشفى، الذي يصله كافة الجرحى والشهداء، أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال الانتفاضة، التي تدخل عامها الرابع يبلغ 252 شهيدا، بينهم 80 طفلاً، دون سن الثامنة عشر، يمثلون 30 في المائة من إجمالي عدد الشهداء.
وأضاف أن أكثر من ثلاثة آلاف مواطن أصيبوا بجروح مختلفة، 55 في المائة منهم أطفال، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال استخدمت في مواجهاتها مع المواطنين كافة أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً. وقال إن "منها الأسلحة النارية بكافة أنواعها، والقذائف المدفعية والمسمارية والدمدم والقذائف المتفجرة"، التي أدت إلى زيادة كبيرة في عدد الشهداء والإصابات، موضحاً أن المشفى هو الوحيد في رفح، الذي أجرى قرابة ألف عملية جراحية كبيرة، بالإضافة لعمليات أخرى، تختص بالجراحات النوعية؛ ومنها القلب والرئتين والأوردة الدموية.
وها هي اليوم تتعرض لحملة تطهير عرقي ومكاني، حيث مازالت آليات الاحتلال الصهيونية تمعن في تغير ملامح المدينة وسط صمت فلسطيني رسمي وعجز عربي وتواطؤ دولي.