حفاظاً على ماذا تتقاعس السلطة عن محاسبة الجناة
السلطة تعرف خاطفي الصحفي البريطاني جونستون ولكنها لا تتدخل حفاظاً على حياته، والسلطة تعرف قتلة فلان ولكنها لا تتدخل حفاظاً على رفاته، والسلطة تعرف من هاجم مبنى عاماً ولكنها لا تتدخل حفاظاً على ابوابه، والسلطة تعرف من قتل من ولكنها لا تتدخل حفاظاً على قبره، والسلطة بما فيها الحكومة تعرف وتعرف ولكنها لا تتدخل فهي تعرف اسباب الحصار ولا تتدخل حفاظاً على الحصار، وتعرف مستوى الجوع ولا تتدخل حفاظاً على خفة دم الجوع، وتعرف انهيار النظام التعليمي ولا تتدخل حفاظاً على الجهل وتعرف انهيار العمل الوظيفي الرسمي ولا تتدخل حفاظاً على الكسل وتعرف انهيار النظام الصحي ولا تتدخل حفاظاً على مشاعر المرض، وتعرف مراكز الفلتان ولا تتدخل حتى لا تزعج الضحايا، وتعرف مهاجمي المدرسة الابتدائية يوم امس ولا تتدخل حفاظاً على الهجوم الذي سيقع يوم غد، وهكذا كلنا نعرف الاسباب ولا نتدخل، فمن يتدخل؟ لماذا لا ننشر عطاء مقاولة لشركة أمنية اجنبية لكي تتولى أمننا او يصار الى ترسية مناقصة على شركة مقاولات بحيث تتولى القضية مقاولة نيابة عنا، فنحن والله بتنا في حيرة من امرنا، فلا حكومة قادرة على حمايتنا من انفسنا فما بالك بالاحتلال، ولا قادرة على توفير لقمة العيش، وبدلاً من تمتين الوحدة الوطنية والوقوف صفاً واحداً ورجم الحقبة الماضية بالحجارة نجدنا عاجزين عن فعل اي شيء، فليس ثمة ما نختلف عليه في الأفق سياسياً وليس ثمة في الماضي ما يحول دون رص الصفوف، لكن ما زلنا نسمع اصواتاً تتبادل الاتهامات والتشكيك وتهدد بالويل والثبور، وكأنهم اخذوا الشعب او الوطن رهينة لديهم، وحطوا من شأنه، لأن القضايا تكبر بأصحابها وتصغر بهم، ولكننا حتى الآن نساهم في تقزيم قضيتنا ونعيدها الى الوراء عقوداً طويلة. فهل تساءل قائد في قرارة نفسه وهو يستعد للخلود الى النوم هل الوضع القائم سيؤدي الى وضع أفضل أم أسوأ؟ وهل قارن مراحل القضية بالمرحلة الحالية وما هو استنتاجه؟ لو فعل ذلك لما نام ولما أكل ولما شرب ولما قام، ولما صرخ او صرح او اتهم او لام، إلا نفسه.
بقلم حافظ البرغوثي
بقلم حافظ البرغوثي