🎉 🎉 بشرى سارة! بعد إغلاق دام منذ عام 2008، نعلن اليوم عودة منتديات الهنا من جديد! يمكن لأي مستخدم استرجاع حسابه عبر صفحة الاسترجاع، أو من خلال هذه الصفحة في حال نسي بريده الإلكتروني. يمكنكم أيضًا زيارة أرشيف الموقع. 💙

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات الهنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

ثوابت على درب الجهاد

ثوابت على درب الجهاد يوسف العييري إن كثيرا من المسلمين يظن أن كل متعبد بفريضة الجهاد لا بد له وأن ينتصر نصراً ميدانياً حسياً وأن الله شرع الجهاد



18-07-2007 06:23 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-07-2007
رقم العضوية : 4,858
المشاركات : 334
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
ثوابت على درب الجهاد
يوسف العييري
[/SIZE]
إن كثيرا من المسلمين يظن أن كل متعبد بفريضة الجهاد لا بد له وأن ينتصر نصراً ميدانياً حسياً وأن الله شرع الجهاد ورتب عليه النصر الحسي فقط، لأن مفهوم النصر منحصر عند الكثيرين بالغلبة العسكرية والنصر الميداني فحسب، والله - سبحانه وتعالى - شرع لنا هذه الشعيرة ولم يضمن لمن ركب أهوالها أن ينتصر، بل قال مثبتاً لهزيمة المسلمين العسكرية في بعض الأحيان {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس} نزلت هذه الآية لتؤكد أن هذه السنة ماضية، وكان نزول تأكيد هذه السنة الكونية بعد الهزيمة العسكرية التي لحقت بأهل أحد، ولو اتسعت مدارك الناس وفهموا معنى النصر لتأكدوا أن كل من ركب ذروة سنام الإسلام لا يمكن أبداً أن يخسر بل هو منتصر على كل الأحوال حتى لو أسر أو قتل، ولو أعطينا مفهوم النصر حقه وقدره الحقيقي وذلك من خلال التأمل في أدلة الكتاب والسنة لوجدنا أن الأمة الإسلامية جمعاء لا يمكن أن تخسر بالجهاد، بل الجهاد ربح على كل أحواله وإن بدا أحياناً في الميدان غير ذلك.

معاني النصر:
ونقف بعبارات يسيرة على بعض معاني النصر التي وردت في الكتاب والسنة، رغم أن العبارات لا تكفيها فهي تحتاج إلى بسط مطول في مصنف مستقل، ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله ونقول:

أول معاني النصر:
إن أعظم أنواع النصر وهو الذي يتحقق لكل مجاهد سواءً على مستوى الفرد أو على مستوى الأمة، هو انتصار المجاهد على نفسه وشيطانه والمحبوبات الثمانية وما يتفرع عنها من محبوبات عندما يسلك طريق الجهاد، وتلك الجواذب الأرضية التي فشل كثير من المسلمين بل فشلت الأمة بمجموعها في الانتصار عليها عدها الله - تعالى -بقوله {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}، والعبد حينما يترك هذه المحبوبات الثمانية ويخرج للجهاد يكون قد انتصر على نفسه وعلى شهوته وعلى هذه الجواذب المثبطة.
ومن خلال هذا النصر يكون قد حقق نصراً آخر هو أعظم من الأول حينما ثبت له أنه ليس من أهل الفسق وأنه غير مخاطب بتهديد الله ووعيده في آخر الآية، كل هذا النصر قد حصل له عندما أثبت عملياً أنه يحب الله ورسوله والجهاد في سبيله فما أعظم ذلك النصر.

المعنى الثاني من معاني النصر:
وإذا خرج العبد للجهاد يكون قد حقق انتصاراً آخر ولكن هذه المرة انتصاره على شيطانه الذي يتربص به ويحاول إعاقته عن الجهاد بكل السبل كما جاء ذلك في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان فقال له أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك؟ فخالفه فآمن، ثم قعد له على طريق الهجرة فقال له أتهاجر وتترك مالك وأهلك؟ فخالفه فهاجر، ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك؟ فخالفه فجاهد فقتل، فحق على الله أن يدخله الجنة) فبالجهاد يتحقق النصر على الشيطان وينال العبد جنة الرحمن.

المعنى الثالث من معاني النصر:
إن المجاهد إذا خرج للجهاد فإنه قد حقق نصراً لأنه أصبح من أهل قوله - تعالى - {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}، فما أعظم ذلك النصر عندما يتعرض المجاهد لهداية الله - سبحانه وتعالى -، فأعظم نصر على الشيطان هو الهداية وأعظم فضل من الله - سبحانه وتعالى - هو التوفيق لها، فمن جاهد فقد حقق النصر بالهداية وأصبح من المحسنين الذين لهم من الله معية خاصة معية النصرة والتوفيق والهداية والصلاح، ولو جاهدت الأمة بمجموعها وشاركت في الجهاد حقاً لأصبحت أمة مهدية لها معية خاصة كما كانت في عهد الصحابة والتابعين أمة موفقة غالبة منصورة.

المعنى الرابع من معاني النصر:
وبخروج العبد للجهاد يكون قد انتصر على المثبطين من بني جلدته الذين يتحدثون بلسانه، بل بعضهم يتفيهق بلي أعناق النصوص لتخدم تثبيطه للأمة عن الجهاد وقد فضحهم الله - تعالى -بقوله {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين} يخاطب الله بهذه الآية صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن فيهم {سماعون} للمثبطين، ليس لضعف إيمانهم ولكن لأن المثبطين أصحاب منزلة في أقوامهم أخفت بواطنهم، ولعظم فتنة المثبطين ولبسهم الحق بالباطل وبإتقان شبههم يمكن لأهل الإيمان أن ينخدعوا بقولهم لذا حذر الله خير الناس بعد الأنبياء منهم، ومن المثبطين من فضحه الله - تعالى -بقوله {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كان يفقهون} فالمثبطون عن الجهاد يجلبون بخيلهم ورجلهم وبكل ما أوتوا من قدرة كل ذلك ليمنعوا العبد من الجهاد وبالتالي يمنعون الأمة من السير على طريق العزة، والمجاهد حينما يخرج للجهاد يكون قد حقق انتصاراً على الخوالف المثبطين، فبعد انتصاره على نفسه وشهوته ودنياه انتصر على شيطانه ومن ثم انتصر على المخذلين من بني جلدته الذين يتحدثون بلسانه.

المعنى الخامس من معاني النصر:
إن المجاهد حينما يثبت على طريق الجهاد وعلى مبادئ هذه الشعيرة رغم ما يصيبه من نصب وشدة وما يعرض له من تثبيط إن هذا وحده يعد انتصاراً بمفرده والله - تعالى -يقول {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} فمن ثبت على طريق الجهاد واستمر بأداء هذه الشعيرة وأصبح من أهل هذه الآية ألا يعد ذلك نصراً له؟ بلى والله، فكم رأينا من جاهد وانتصر في الميدان ولكن مبادئه هزمت وقنعاته تغيرت وخدم شهوته ودنياه بما تحصل له من طريق الجهاد، وكم رأينا آخرين لم يصبهم من الشدة والشقاء ما أصاب غيرهم ممن لا يزال ثابتاً يجاهد، وهم لم يهزموا في الميدان ولكن الدنيا هزمت مبادئهم وهزمت قناعتهم، لفَّتهم تيارات فاسدة فأصبحوا لها خدماً يخذلون ويعتذرون لهزيمة قناعتهم بآلاف الأعذار، أليست هذه هي الهزيمة والثبات على المبدأ هو النصر الحقيقي؟

المعنى السادس من معاني النصر:
وبخروج العبد للجهاد يكون قد حقق انتصاراً آخراً وذلك حينما يبذل نفسه ووقته وماله في سبيل مبادئه ونصرة لمعتقده ودينه، فإن الفداء لهذا الدين هو انتصار بنفسه سواء كانت له الغلبة أم لعدوه، فبما أنه علا بمبدئه وقاتل من أجله وبذل نفسه رخيصة له، فإن ذلك علو حقيقي حتى لو هزم في الميدان فقد قال الله - تعالى -لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه عندما هزموا في أحد {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} قتل منهم سبعون ومثل بهم وجرح رسول الله صلى الله عليهم وسلم وفر آخرون ثم تاب الله عليهم، إلا أن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئاً بل رغم ذلك فإنهم في علو، فعلو المجاهد حصل عندما دخل ميدان النزال وخاض معركة الإسلام فهذا هو علوه، فانتصر على عدوه بعلوه، فعندما يجابه قوم عزل لا يملكون من السلاح إلا القليل وهم فقراء قلة ليس معهم إلا الإيمان، فمن أجل ماذا تجاهد الأمة عدوها وهي أقل منه عدداً وعدة؟ من أجل ماذا تجاهد الأمة عدوها وهزيمتها بالمقياس المادي البحت مؤكدة واقعة؟ أليست أمة لا تملك المقومات المادية نسبة لعدوها وتواجهه بعدما أعدت ما استطاعت أليست أمة منتصرة من مجرد بدء الصراع، إن الأمة التي تواجه بإيمانها عدوها المدجج بأحدث الأسلحة والعتاد إنها أمة منتصرة بشموخها ومبادئها.
عندما يواجه من كان هذا حاله دول العالم بعدتها وعتادها وما تملكه من تكنلوجيا ألا يعد هذا علوا ونصراً أرخص العبد فيه نفسه من أجل ما يعتقده؟ بلى والله إن التاريخ يكتب بمداده حياة الأبطال ولو كانت نهايتهم الشهادة، ومن خلد أكثر منهم وعاش في ذل فإن التاريخ لا يذكره بل يمقته، وما أكبر البون وأعظم الفرق بينهم عند رب العالمين.
وفي ثبات المجاهد على طريق الجهاد وعلى معتقده ومبادئه التي قاتل من أجلها، يكون قد حقق نصر المبدأ وعلو العقيدة والدين على طائفتين:

الطائفة الأولى:
انتصر بمبادئه على مبادئ الضلال الملية من أهل البدع والخرافة والفلسفة التي أبعدت النجعة وكدرت صفو النصوص وأولتها وحرفتها عن أصلها من أجل إرجاع المجاهد عن مبادئه فإذا أصر وقاتل من أجلها ولم يستمع لما يطرح من أهل الضلال والتخذيل من شبه فإنه حقق نصراً عليهم.

الطائفة الثانية:
انتصر بمبادئه على مبادئ أهل الكفر والزندقة والردة والإلحاد، فحينما يعلنها صريحة أنه يتمنى الموت في سبيل ما يعتقد وأن الموت لا يقدم في قناعاته ولا يؤخر شيئاً فإن ذلك يعد من أعظم النصر.
ويتجلى ذلك النصر العظيم بموقف من كانوا سحرة لفرعون حينما هددهم بالقتل والصلب بعدما أعلنوا إيمانهم فقال {...فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى}، فأجابوا بعزة المؤمن وبعلو منقطع النظير {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} وفي جواب آخر لهم قالوا {وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين} الله أكبر نعم والله إن هذا لهو النصر العظيم الثبات على المبدأ حتى الممات.

ويتجلى النصر أيضاً بقصة خبيب - رضي الله عنه - عندما كان مصلوباً بين أيدي كفار قريش وليس بينه وبين الموت إلا لحظات كما في رواية أبي الأسود عن عروة حيث قال: (فلما وضعوا فيه السلاح وهو مصلوب نادوه وناشدوه أتحب أن محمدا مكانك قال لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة في قدمه) الله أكبر ما أعظمه من نصر وعلو.

وكم من أمة قتلت وأبيدت وانتدثرت لم يخلد الله ذكرها ويثني عليها كما أثنى على أولئك الذين وصفهم بأنهم فازوا فوزاً كبيرا، لقد ساوم أهل الكفر أصحاب الأخدود على أمرين إما الرجوع عما هم عليه أو الموت حرقاً بالنار والثبات على المبادئ، فلم تكن نار الدنيا لترجعهم عما هم عليه، فآثروا النجاة من نار الآخرة بدخول نار الدنيا، فتهافتوا في النار كأنهم جراد بإقدام وفداء لم يرعهم منظر النيران العظيمة، بل دخلوا فيها لينتصروا، وعندما تقاعست امرأة واحدة وفكرت وغاب عنها مفهوم النصر أنطق الله رضيعها ليشرح لها مفوهم النصر الحقيقي والفوز الكبير، فقال لها كما جاء عند مسلم: (يا أمه أصبري فإنك على الحق)، فقفزت في النار فانتصرت ورضيعها.
فخلد الله ذكرهم مادحاً لهم بما لم يمدح به أحداً قبلهم ولا بعدهم فقال (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير) فكل مؤمن غاب عنه معنى النصر الحقيقي كتلك المرأة منهم فإن هذه الآية وهذا المدح وهذه الشهادة تبين معنى النصر وتوضح ما غاب عن الأفهام.

المعنى السابع من معاني النصر:
ومن معاني النصر أن ينصر الله عباده نصر حجة وبيان وهو قريب من المعنى الذي سبق إلا أنه يفترق أن المبدأ المنتصر هنا لا يكون لازماً على المنتصر بل يتعدى إلى غيره سواء مات صاحبه أم لم يمت، المهم أن حجته تبلغ ويقتنع بها أقوام ولو كان مستضعفاً لم ينتصر نصراً ميدانياً، كما قال - تعالى -عن نصر حجة إبراهيم - عليه السلام - على قومه بعد مناظرتهم حيث قال {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} والرفع هو الانتصار، وكذلك نصر الله إبراهيم على النمرود عندما حاجّه فقال الله {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت، قال أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، والله لا يهدي القوم الظالمين}.

وفي قصة انتصار مبدأ غلام أصحاب الأخدود دليلٌ واضحٌ على معنى نصر المبدأ، فقد قتل الغلام ولكن حجته ومبدأه انتصر وغلب كفر الملك وأسلم الناس جميعاً، فنصر الحجة بسبب مقتل الغلام وثباته قبل مماته كان نصراً ظاهراً هزم الكفر في عصره رغم ما يملكه الكفر من قوة وسطوة إلا أنه اندحر أمام ذلك الثبات والمبدأ والمعتقد العظيم.

والطائفة المنصورة أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بظهورها ونصرها فقال كما في الصحيحين (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك). فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور دولة وسلطان، ولكن رغم خذلان الأمة لهم واجتماع أعدائهم عليهم فإنهم ظاهرون.

المعنى الثامن من معاني النصر:
ومن أنواع نصر الله للمجاهدين أن يهلك عدوهم بقارعة من عنده ويكون سبب تلك القارعة هو جهاد المجاهدين، فقد يعجز المجاهدون عن هزيمة عدوهم في الميدان وهذا غالباً لعدم المكافأة في المعركة، ولكن الله قوي عزيز، وبما أن المجاهدين قد بذلوا السبب وعملوا بما أوتوا من قوة ووسع للإعداد لجهاد الأعداء، فإن الله سيجعل من مجهودهم البسيط ومواجهتهم الضعيفة سبباً لهلاك عدوهم بقارعة من عنده وأكد الله لنا ذلك بقوله {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}.
والقارعة التي حلت بفرعون من أجل جهاد موسى - عليه السلام - ومن معه توضح هذا الأمر، فإن الله - تعالى -قادر على أن يهلك فرعون قبل مجيء موسى - عليه السلام - أو بعد مجيء موسى ولكن في أول إعراض فرعون وتكبره، ولكن الله أمهله حتى طغى وتجبر وخرج بخيله ورجله لإطفاء نور الله - تعالى -، وفي الميدان حلت القارعة بفرعون وجنوده وكان السبب موسى - عليه السلام - فقال الله - تعالى -{فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} وقال {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}.
ولما ظهر جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعرضت قريش عن الانصياع للحق سلط الله عليهم عذابه ليذعنوا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (أن قريشاً لما استعصت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى منهم إدباراً دعا عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة حست كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع، فجاء أبو سفيان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له يا محمد إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم قال - تعالى -{فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين... } إلى قوله {إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}، كل ما أصابهم كان بسبب جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم وكان ذلك بعد الهجرة وتشريع الجهاد، ولم يصبهم ما أصابهم بسبب جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - في ميدان المعركة، فالرسول قتل من قريش ما لا يزيد عن 200 رجل في معاركه معهم، وهم قتلوا من المسلمين قريباً من نصف هذا العدد، ولكن الله أصاب قريشاً بقارعة من عنده أذعنت لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهدى منهم أقواماً وأهلك آخرين على كفرهم.

وفي عصرنا الحاضر أكد زوال الاتحاد السوفيتي هذه الحقيقة فلم يكن المجاهدون في ميدان المعركة أقوى ولا أقدر ولا أكثر من السوفييت، ولكن بحربهم لدين الله - تعالى -وقتلهم لأوليائه، تتابعت عليهم المحن والبلايا والفقر والفساد حتى سقط الاتحاد السوفيتي، فمن قال إنه سقط بسبب النظام الشيوعي الاشتراكي فهاهي دول لا زالت على ذلك النظام ولم تسقط، ومن قال بسبب ديونهم فأمريكا وقت سقوط الاتحاد السوفيتي كانت أكثر ديوناً منها لا سيما الديون الداخلية، ومن قال بسبب الحكم العسكري الدكتاتوري لها، فلا تزال دولاً أشد منها حكماً عسكرياً باقية، والناظر لأسباب سقوط الاتحاد السوفيتي لا يمكن أن يبدي أسباباً أعظم من حربهم للدين وجهاد المجاهدين لهم والشواهد من التاريخ ومن قصص الأنبياء أكثر من أن تحصر وكلها تدل على أن جهاد المجاهدين هو السبب الرئيسي لإحلال العذاب والدمار على من حاربهم، فالجهاد سبب لهلاك الكافرين والنصر للمؤمنين من عند الله - تعالى -، ولو لم نر النصر عاجلاً فإنه يوشك أن يكون، ولا يوجد في التاريخ قوم هلكوا بدون سبب وكل القوارع التي حلت بالكافرين كان بسبب جهاد رسلهم لهم أو بسبب جهاد المؤمنين من عباد الله الصالحين.

المعنى التاسع من معاني النصر:
ومن صور النصر أيضاً أن يكون الجهاد سبباً في فقر الكافرين وموتهم على كفرهم وعدم هدايتهم، وهذا من أعظم أنواع النصر، فحربهم للدين ومجابهتهم للمجاهدين تصبح سبباً لضلالهم وإيغالهم في الكفر حتى الموت، وهذا ما دعا به موسى وهارون - عليهما السلام - على فرعون وقومه فقال موسى - عليه السلام - {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} فدعاء موسى - عليه السلام - بهذه الأمور يدل على أن تحققها يعد نصراً حقيقياً، وأي هزيمة أعظم من أن يشدد الله على قلوب الكافرين حتى يلاقوا العذاب الأليم وحينها يفرح المؤمنون بذلك الموقف الذي يقال فيه لأئمة الكفر {ذق إنك أنت العزيز الكريم} فبطرهم وأشرهم وطغيانهم وزعمهم الدفاع عن الحرية والحضارة وحرب الإرهاب كل تلك الأمور سوف تنتهي بانتهاء حياتهم التي لم يبق منها إلا أقل مما فات، وبعدها ينتقل إلى موقف يشفي الله به صدور المؤمنين عندما يقال لهم {قال هل أنتم مطلعون، فاطلع فرآه في سواء الجحيم.. }، وإن تحقق فقر الكافرين في الدنيا فقد منح الله أكتافهم لعباده المؤمنين.
وقد كان جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً سبباً في بغي اليهود وطغيانهم، فشد الله على قلوبهم حتى ماتوا وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فماتوا على الكفر والموعد يوم الحساب.

المعنى العاشر من معاني النصر:
ومن صور النصر أن يتخذ الله من عباده شهداء، فكل عبد يعمل ويكدح لله - تعالى -إنما ذلك من أجل أن يدخل الجنة لذا فإن الله - تعالى -قال (وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) فالشهادة اصطفاء من الله - تعالى -لعباده ومن يصطفيه الله لهذه المنزلة فقد فاز وانتصر، والشهادة هي غاية مطلوبة لذاتها لأنها اصطفاء من الله، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمناها ثلاثاً بقوله كما في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ولوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) وقال الله مؤكداً ذلك النصر {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون} وقال {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون} ودليل على أن الشهادة نصر بذاتها ما جاء في الصحيحين عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال (لما طعن حرام بن ملحان وكان خاله يوم بئر معونة، قال بالدم هكذا فنضحه على وجهه ورأسه وقال فزت ورب الكعبة) فكيف لمن قتل وعاين الموت أن يقسم بالفوز، إلا أنه قد وجد ريح الجنة، والأدلة على انتصار المجاهد بنيل الشهادة وحدها كثيرة جداً بسطها العلماء في أبواب مستقلة في فضائل الشهادة في سبيل الله، فمن رزق الشهادة فقد انتصر النصر المحقق.

المعنى الحادي عشر من معاني النصر:
ومن صور النصر أيضاً النصر الميداني نصر المعركة وهذا هو الذي يعرف معناه كل الناس وكثير منهم يحصر النصر به فقط وهذا خلل في المفهوم، فما النصر الميداني إلا أحد أنواع النصر وقد فرح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته وأراه الله ذلك النصر قبل مماته ثم قال له ممتناً عليه {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً}.
هذه بعض صور النصر وهي كثيرة لا مجال لحصرها ولكن مثلنا بهذه الصور التي تدخل كلها تحت وعد الله - سبحانه وتعالى - عندما قال {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} وقوله {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} فمن ضعف إدراكه عن معاني النصر فإنه يقول كيف يحق الله على نفسه نصر الرسل والمؤمنين، ومن الرسل من قتل ومنهم من لم يملك سلطة ولم يسلم معه أحد، ومن فهم معاني النصر فإن الإشكال عنه يزول.
علماً أن نصر التمكين والغلبة والسلطان هو الذي سيؤول إليه الحال في نهاية الأمر للأمة الإسلامية، فإن لم يحصل هذا في زماننا فإنه قطعاً سيحصل دون أدنى شك فيمن بعدنا، فبشائر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووعوده بالتمكين في الأرض لا تنصرف إلا إلى معنى النصر الميداني والغلبة العسكرية والسلطان في الأرض، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة.

منها قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء عند أحمد وغيره عن تميم الداري - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر).
وقوله كما عند مسلم عن ثوابان - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها).
وقوله كما جاء عند مسلم أيضاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أوالشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود).

وكما جاء عند أحمد عن عبد الله - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سئل أي المدينتين تفتح القسطنطينية أو رومية فقال (رومية مدينة هرقل) وسوف تفتح روما كما وعد بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال كما عند مسلم أيضاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق.. الحديث).
وقد تواترت أخبار المهدي الذي بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان وهو الذي سوف (يحكم الأرض سبعاً يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا).

والنصوص المبشرة بالنصر العسكري للأمة والتمكين في الأرض والغلبة والسلطان كثيرة، ولا يسوغ أبداً أن يتكل العبد على تلك النصوص ويترك العمل بحجة أن النصر آت لا محالة، ولكن يجب عليه إذا فهم معاني النصر أن يكون سباقاً لها، فإن الأمة إذا انتصرت وليس له مجهود في ذلك النصر فإنه من الخاسرين، ولكن لا بد أن يحاول جاهداً أن يحقق لنفسه شيئاً من معاني النصر الأخرى حتى يأتي وعد الله بالنصر الميداني {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم}.
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

[SIZE=4]http://www.islamsel ect.com/index. php?ref=26325&txt=المصدر:



اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
اسطورة النضال والجهاد اسد الاسلام
3 52 amro
اسطورة الجهاد اسطورة المقاومة اسطورة نابلس نايف ابو شرخ رحمه الله فارس الليل1
9 161 abood
مكتبة الافلام الجهاديه ((قبل ان اودعكم)) أبو سمير
4 113 أبو سمير
موقع لجميع الافلام الجهاديه عاشق المحبه
0 53 عاشق المحبه

الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 01:53 PM