🎉 🎉 بشرى سارة! بعد إغلاق دام منذ عام 2008، نعلن اليوم عودة منتديات الهنا من جديد! يمكن لأي مستخدم استرجاع حسابه عبر صفحة الاسترجاع، أو من خلال هذه الصفحة في حال نسي بريده الإلكتروني. يمكنكم أيضًا زيارة أرشيف الموقع. 💙

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات الهنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين | الصفحة 2

النرجسة المغرورة بقلم ديمة سحويل .رام الله في صباح يوم جميل غزلت السماء الزرقاء خيوط الصباح الأولى في حديقة احد المنازل المليئة بالورود والأزهار الز



look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  06-06-2006 10:08 مساءً   [13]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-03-2006
رقم العضوية : 44
المشاركات : 5,675
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
[frame=5 70]
النرجسة المغرورة
بقلم ديمة سحويل .رام الله

kosha1


في صباح يوم جميل غزلت السماء الزرقاء خيوط الصباح الأولى في حديقة احد المنازل المليئة بالورود والأزهار الزنبق و الجوري و القرنفل و الياسمين والريحان والبنفسج و زهرة النرجس البيضاء .

كانت كل أزهار الحديقة ترفع رأسها وتفتح أكمامها عند رؤية زهرة النرجس البيضاء لجمالها الأخاذ .

حتى صاحبة الحديقة نفسها كانت تستفتح برؤيتها وتوليها عناية خاصة فعزلتها بحوض منفصل عن بقية الأزهار ووضعتها على رف نافذة غرفتها ...

وقيل أن سر اهتمام صاحبة الحديقة بزهرة النرجس البيضاء هو ان حبيبها قبل سفره أهداها لها .

ولكن هذه الزهرة الجميلة كانت مغرورة ، لا تختلط بأي من الورود ولا تتحدث معهم ...

لهذا تجنبت كل الورود والأزهار التعامل معها لقساوتها وجفاءها وقررن مقاطعتها

إلا "زهرة عباد الشمس" أطول تلك الأزهار وأكبرهن عمرا كانت تأبى ان تخاصم النرجسة البيضاء و تحث الجميع على عدم مقاطعتها بالرغم من عجرفتها

وتقول لهن : يا صغيراتي الجميلات ان الغرور صفة قبيحة انه مرض ويجب معالجته والنرجسة البيضاء صغيرة مغترة بجمالها يجب مساعدتها على التخلص من غرورها وعدم المساهمة في نموه.

حاولت زهرة عباد الشمس مرارا وتكرارا التقرب والتودد من النرجسة البيضاء لإسداء النصح والإرشاد لها بعدم الابتعاد والانعزال عن الأزهار .

زهرة عباد الشمس : ياصغيرتي الجميلة لأني أكبرك سنا اسمحي لي ان أنصحك بعدم الابتعاد عن أخواتك الورود …

ردت عليها النرجسة البيضاء بوقاحة : لو ان غيرك يسدي لي نصيحة يمكن ان استمع له ولكن أنت لا ..

زهرة عباد الشمس : انا !!! ولم لا أسدي لك النصح انا اكبر منك ومن حقـ

قاطعتها وصاحت بصوت عالي : لأنك قبيحة بلا فائدة عديمة الرائحة واللون كبيرة الحجم منظرك يشوه جمال الحدائق ، كان من المفروض أن يزرعوك مع الأعشاب الضارة بالقرب من مصارف المياه بالشارع .

اندهشت زهرة عباد الشمس من وقاحة النرجسة وقسوتها ، وانزوت في مكان بالحديقة وراحت تبكي دون أن يلحظها احد وأيقنت أنها كانت مخطئة بالحكم على تلك الزهرة المغرورة .

علمت كل الأزهار في الحديقة بما دار بين زهرة عباد الشمس وبين النرجسة البيضاء من البلبل الصغير صديق الأزهار .

وتضامنت كل الورود مع زهرة عباد الشمس وتجمعن حولها ورحن يخففن عليها وينسينها كلام النرجسة القاسي ويؤكدن لها أنها أهم الأزهار في كل حديقة ....

كانت النرجسة تنظر إلى الورود المتجمعة حول زهرة عباد الشمس بكل اشمئزاز وتحدث نفسها : كم هن مسكينات يأكلهن الغيظ من جمالي ويتآمرن علي مع زعيمتهن القبيحة ... حسنا فعلت بها كان من المفروض أن أقسى عليها أكثر واكسر شوكتها .

في فترة الظهيرة كانت صاحبة الحديقة تنقل حوض النرجسة إلى داخل غرفتها المكيفة لتقيها من حرارة الشمس وتدير المسجلة على اعذب الالحان والأغاني وتتراقصان معا .

تتالت الأيام ..

وظلت النرجسة البيضاء على حالها تستقبح كل الورود وتتجنب التحدث اليهن وبالذات زهرة عباد الشمس .

وجاء شهر آب اللهاب ….

ارتفعت درجات الحرارة وبدا الجفاف يخيم على كل الحدائق لان اشعة الشمس كانت تبخر كل المياه ...

بدأت الأزهار تعاني من الحر وتتقيه بانحنائها تحت ظل زهرة عباد الشمس ...

النجرسة البيضاء كانت تنظر إليهن منحنيات من خلف نافذة الغرفة المكيفة وتتشمت بهن .

كانت كل الورود تنظر إليها والى نظرات الشماتة في عينيها .

وفي يوم بمنتصف الشهر وبينما الشمس في عز قيظها والورود مختبئة تحت ظل زهرة عباد الشمس ذبلت وردة القرنفل الصغيرة وتعبت بدأت تضمر وتذبل وشعرت بالجفاف كادت تشرف على الموت ، حزنت كل الورود والأزهار وصحن يطلبن النجدة من البلبل الصغير لينقلها الى النرجسة البيضاء لتدخلها إليها ....

طار البلبل الى النافذة وبفمه يحمل القرنفلة المريضة وطلب من النرجسة المغرورة ان تفتح له النافذة ليدخل القرنفلة.

رفضت النرجسة المغرورة بشدة وقالت له من خلف الزجاج : ابتعد ايها الاحمق هل تظن أني اقبل أن يشاركني بالحوض اي من تلك القبيحات ..

صار يترجاها بشدة وكانت كل أنظار الأزهار متجهة حيث البلبل والقرنفلة .

صاحت لن ادخل أحدا هنا وأسدلت ستارة الغرفة ...

عاد البلبل ومعه القرنفلة الذابلة حزن عليها لأنها كانت تتأوه أبى أن تموت فطار بها بعيدا إلى أن وصل إلى شلال مياه صغير سقاها وظل معها حتى تعافت وأرجعها إلى صديقاتها اللاتي شكرنه على إنقاذ حياتها ....

وفي اليوم التالي للحادثة ...

سمعت الأزهار صوت بكاء ينبع من غرفة صاحبة الحديقة كانت تصيح وتصرخ : الخائن تزوج وخدعني كل تلك الأيام والأشهر وأنا انتظره احتفظت له بكل الحب والمشاعر الجميلة حتى الزهرة التي أهداني إياها اعتنيت بها دونا عن كل الأزهار آه ه ه أيتها الزهرة البغيضة ألست من رائحته وذكراه سألقي بك خارج غرفتي ...

وفجأة فتحت صاحبة الحديقة النافذة وألقت منها حوض النرجسة البيضاء

تحطم الحوض إلى عدة قطع وتناثر الرمل الموجود بداخله وكسر ساق النرجسة المغرورة وصارت تتأوه من الوجع وتستنجد بالجميع ، لكن دون جدوى لم يعرها احد اهتمامه ، أشاحت كل الأزهار نظرهن عنها عقابا على أفعالها القبيحة ...



ازدادت حرارة الجو وبدأت أطراف النرجسة البيضاء تحترق ... دون أن يرأف بحالها احد .

صدفة مر عامل القمامة بالقرب من المكان فوجد الحوض المكسور لملمه خوفا من أن يتأذى احد من قطعه المكسورة فوجد النرجسة حزن عليها وقام بتضميد ساقها بقطعة من القماش وغرسها بالقرب من إحدى المصارف الموجودة على ناصية الشارع مقابل الحديقة ....

استطاعت النرجسه مع مر الأيام المقاومة والبقاء على قيد الحياة إلا أنها لم تعد جميلة كالسابق لأنها اضمحلت وذبلت وفقدت بريقها وأصبحت باهتة ...

انتهى شهر آب ...

وعادت كل الورود والأزهار بالحديقة تتفتح من جديد وتضحك وتتمايل .

كانت النرجسة تراقبهن من موقعها الجديد عند مصرف المياه بين الأعشاب الضارة ذات الرائحة النتنة .

صار البكاء رفيقا دائما للنرجسة ، خاصة أن الأعشاب المحيطة بها كرهتها ولم تتقبلها لأنها غريبة ودخيلة عليهم فصاروا يؤذوها ويضربوها ....

كان البلبل صديق الأزهار في الحديقة يراقبها حتى رق قلبه عليها وطار إلى زهرة عباد الشمس وحدثها بالحال التي أصبحت عليه النرجسة ....

حزنت زهرة عباد الشمس وكل الأزهار كذلك ، ورفضن أن تكون واحدة منهن تتعرض للأذى ، فاجتمعن وقررن ان يسامحنها وطلبن من البلبل ان ينقلها اليهن ..

طار البلبل سعيدا بقرار الورود والأزهار لينقله الى النرجسة ، وما ان وصل المكان حيث النرجسة وجد الأعشاب الضارة التفت عليها وخنقتها …

بكى البلبل على النرجسة واقتلعها ورجع بها الى الورود واخبرهم ما حدث .

خيم الحزن على الحديقة ، وقررن أن يغرسنها أسفل النافذة ….



مرت أيام وأسابيع

ونبتت نرجسة صغيرة من جديد ....

اعتنت بها كل الورود والأزهار وعادت الفرحة من جديد إلى حديقة المنزل
[/frame]

look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  06-06-2006 10:11 مساءً   [14]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-03-2006
رقم العضوية : 44
المشاركات : 5,675
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
[frame=8 70]
أين ينتهي البحر

بقلم: د/ طارق البكري

img075

كان عقلي الصغير يوهمني أن البحر ينتهي عند منتهى النظر، وكنت أظن واهماً أنّ الشمس وقت المغيب تغسل وجهها بماء البحر، وتستريح بعد ذلك من عناء عملها طوال النهار فتنام ليلاً حتى مطلع الفجر...

اعتقدت طويلاً، ولم أسأل الناس متحققاً من صحة اعتقادي، ربما لأنني أحب دائما الاحتفاظ بخيالاتي "المتحمسة" كيلا تدوسها خيول الحقيقة.. اعتقدت - واهما أيضاً - أنّ خط نهاية البحر الوهمي في عقلي يسكن سداً صلبا، يحول دون تسرب الماء من البحر فلا يتحول الى واد سحيق عميق.. سداً يقف كالجبل الشامخ، يحجز الماء عن تدفقه...

ظننت أن العالم ينتهي عند هذه النقطة.. وأن الماء لو تسرب من فجوة ما لسال في الفضاء..

ياااه.. يا له من خيال مضحك..

ومع ذلك لم أكن أريد تغيير "الحقيقة"..

لكني اكتشفت - غصباً عني - أنّ الأحلام شيء و"البحر" شيء آخر..



***



عندما أصطحبني أبي برحلة بحرية بالحاح شديد مني.. نظرت الى بعيد بعيد..

وكلما أوغلت السفينة في أعماق البحر؛ ابتعد السد الوهمي عني حتى كاد يتلاشى.. وكنت أظنني أقترب منه..

لم أجرؤ على البوح بهذا الوهم "الحقيقة"..

وددت الصراخ بأعلى صوت.. آمر البحارة بأن يقودوا السفينة نحو "السد"..

كانت ضربات قلبي تشتد بارتفاع السفينة وهبوطها..

صعدت الى أعلى مكان في السفينة.. ساعدني أحد البحارة لأصل الى منارة السفينة... أعطاني منظاراً كبيراً.. اعتقدت أخيراً أني سأشاهد نهاية البحر.. أعتقد البحار أنني سعيد بما أراه من بحر عظيم.. صرت أبحث في كل اتجاه.. أبحث عن نهاية البحر، لا عن هيبته وجلاله..

تخيّلت في عقلي الصغير كيف يمكن للبحر أن يتجمد في نقطة ما من الأرض، ويصبح صلباً كالصخر..

وفيما بعد اكتشفت وهم طفولتي.. أحلام نهايات البحر..

وحزنت عندما اكتشفت: براءة الأحلام من حقيقتها..



***



لكن بعض أحلامي الطفولية تحققت..

رضيت من بقايا الطفولة الساحرة..

علمت أنّ في الأرض قطعاً من بحر متجمد..

رأيت بعينيّ كيف يصبح البحر جامداً كالصخر (حقا حقا)؟.

عرفت أنّ هناك مناطق شاسعة متجمدة تماماً.. وأنّ الحرارة عند طرفي الأرض في شمالها وجنوبها وما يحيط بنقطة ارتكازها التي نراها في مجسمات أرضية، تهبط بشكل مخيف، ويصبح ميزان الحرارة دائما تحت الصفر بعشرات الدرجات..

رأيت كيف يصبح هذا البحر الهادر قطعة من الأرض..؟

وكيف يسير الناس بمراكب متزحلقة تجرها كلاب فوق ماء متجمد..

وهناك يحفر صيادون "البحر"..

نعم..

يشقونه بفأس أو منشار، لا ليغرسوا شجرة بل ليرموا خيوط صيودهم الدقيقة وفي رأسها حديدة مسننة عليها شريحة سمك شهية، تجذب رائحتها الأسماك من أعماق بحر متجمد في قمته.. سائل في قعره..

تخيّلت في عقلي - الذي مازال يحلم - كيف يستقرّ الجامد فوق متحرك؟

وكيف يحفظ البارد الدافئ؟

ويثبت ناس ويسيرون بهدوء وسكون واطمئنان فوق جليد يخفي أمتاراً من أعماق مائية المتحركة..



****



دهشت أكثر عندما رأيت جبالاً بيضاءً.. جبالاً ناصعة..

ودهشت أكثر وأكثر عندما علمت أنّ هذه الجبال الضّخمة ليست سوى قمماً لجبال مخفية..

وأنّ ما في البحر منها ما هو أضخم بمرات من قممها الظاهرة..

ولاحظت أنّ سكان القطب المتجمد بيوتهم من صخر مائي متجلد.. وكذلك أثاث بيوتهم..

عجبت كيف أنّ بيوتهم هذه مصنوعة من قطع ثلج مرصوصة بدقة بالغة، وبطريقة عجيبة، تجعل البيت دافئاً من الداخل، فلا يتسلل برد الى ساكنيه.. وكأنهم يرددون قول الشاعر العربي القديم: وداوني بالتي كانت هي الداء..



***



درست في مدرستي بعد ذلك أنّ السّحب العظيمة التي نراها عادة في فصل الشتاء، عبارة عن ماء متجمع في طبقات الجو العليا..

تنقله الرياح الى حيث أمرها الله.. لتُسقط الماء.. يبقى على حاله أو يتحول برداً أو ثلجاً..

أدركت أشياء كثيرة لم أكن أعرفها..

وعلمت أنّ الهواء الذي يدخل في رئتيّ يحوي هو أيضاً كمية كبيرة من ماء..

وأنّ جسمي الذي أعيش فيه كان في الأصل ماءً وتراباً..

ذهب التراب بأصله وشكله وبقي الماء المتغلغل في تفاصيل الجسد.. من لحم وعظم ودم.. فلا توجد خلية حية بغير ماء..

وقد كان العرب قديماً يقولون لمن مات: "ذهب ماؤه", وهذا يعني أنّ الماء سرّ الحياة..

ألم يقل الله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟

وعلمت أن الماء هي الحياة نفسها..

حتى الدماء التي تسري في أنحاء الجسم اذا جفت وذهب ماؤها لا يبقى غير ذرات حمراء باهتة اللون..

وكنت ألاحظ ذلك إذا جرحتُ نفسي أثناء لعبي مع أقراني الصغار..

ومثل هذه عصائر الفاكهة، لو تركتُ في كأس عصيراً حتى جف تماماً لَمَا بقي غيرُ بقايا ملونة في قعر الكأس..

وقد لاحظت أن أمي تضيف إلى الحليب المجفف أضعافاً من حجمه ماء ليصبح حليباً سائلاً أشربه..



***

وعلمتُ أنّ الأنسان يستطيع البقاء حياً أسابيع طويلةً من دون أن يأكل لقمة واحدة، لكنّه يموت إذا لم يشرب ماء لأيام قليلة وربما لساعات، كما أن الانسان يستطيع أن يحيا على لقيمات بسيطة طوال عمره لكنه لا يستغني عن كمية وافرة من الماء ليشربها يومياً..

ورأيت المريض الذي لا يستطيع تناول الطعام والشراب يقومون بحقنه بمصل في شرايينه، وهذا المصل عبارة عن ماء وبعض المغذيات..

ورأيت أيضا حرص الناس الشديد على الماء في البلاد التي ليس بها ينابيع وأمطار..

رأيتهم كيف يصنعون من ماء البحرالمالح ماء حلواً طيب المذاق..

رأيت الينابيع على أنواعها..

الصافي البارد الرقراق، الفوار الحار، المعدني الأحمر مثل حديد مهترئ..

علمت أن في أعماق البحر ينابيع كثيرة، وفي جوف الأرض أنهاراً لا تعد، وفي الجبال بين الصخور مخابئ مياه عجيبة..



***



لم أكن لأصدق أن مياه البحر التى أراها واحدة متصلة قد تكون في بعض الأماكن من البحار أو المحيطات مياها متعددة.. وبحارا منفصلة.. يحدها جدار مائي وهمي حقيقي،، لا يمكن للعين أن تراه بوضوح.. فالمياه متلاصقة متلاحمة، ولهذا أسماك ولذلك أسماك.. للأول حرارة وللثاني حرارة مختلفة.. ومواصفات مختلفة ..

لم أصدق كما قلت في أول الأمر.. ولكنّها حقيقة أقرب الى حلم..

وعلمت أن الكرة الأرضية هي في الواقع كرة مائية.. فالماء يشكل أكثر من ثلثي الأرض.. واليابسة ليست سوى جزيرة تشكل الثلث فقط او أقل..

فأدركت أن الماء هو الذي يحمل الأرض وليست الأرض هي التي تحمل الماء..

وعرفت أن عمق الأرض يسيل.. وأن اليابسة تسبح على بحر ملتهب.. يخرج إلينا من حين لآخر من فوهات براكين نراها في العالم..



***



ورأيت أيضا أن البحر في حقيقته ثائر.. لا كما يبدو هادئاً وديعاً..

وقد شاهدت - وشاهد العالم مثلي - ما حدث في شرق آسيا الجنوبي يوم اكتسح الماء أعالي الجبال، في مشهد قلما يتكرر، سمي حينها بكارثة تسونامي..

ورأيت فيضانات عجيبة في الفلبين وسيرلنكا والهند وأعاصير هوجاء في أنحاء متفرقة من العالم، حيث تنقض رياح مصحوبة برعود ومياه جارفة تترك الأرض خراباً ودماراً..



***



ليس هذه فقط..

بل علمت أنّ ماء في زمن بعيد بعيد تحول الى فضاء أغرق الأرض كلها ولم يبقِ غير سفينة واحدة عليها بعض أجدادنا المؤمنين الذين أبقوا على الأرض بشرا، ولولاهم لغرق الناس جميعاً، كما تقول قصة النبي نوح عليه وعلى نبينا السلام...

وبعد ذلك كله... ما زلت أحلم بأن للبحر آخر..

ركبت سفناً وقطعت بحاراً من شطآن الى شطآن..

لكني ما زلت أحلم بأنّ للبحر نهاية..

لكن، أين ينتهي البحر؟؟ مازلت أحلم..
[/frame]

look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  06-06-2006 10:13 مساءً   [15]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-03-2006
رقم العضوية : 44
المشاركات : 5,675
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
[frame=11 70]

لماذا تعيش الأسماك في الماء

red-sea10.jpg1060600001

إيفان غ. إستومن .. ترجمة نبيل المجلي
كان هذا في الزمن البعيد. في ذلك الزمان كانت الأسماك لا تزال تعيش على اليابسة كالجميع .

في أحد الأيام مرضت سمكة. رقدت وراحت تئن : ‏

ـ آخ ! آخ ! ‏

أصغى ابنها، وأصغى ثم خرج من الكوخ باحثاً عن مساعدة، خرج وشاهد غراباً عجوزاً يجثم على غصن. رأى الغراب السمكة الصغيرة أيضاً وقال: ‏

ـ يا ابن السمكة، لماذا أنت حزين هكذا؟ ‏

ـ مرضت أمي. ولا أعرف ماذا أفعل. ‏

ـ لاتحزن، ـ قال الغراب ـ أتريدني أن أساعدك؟ سأداوي أمك. لكن لا تدخل الى الكوخ، إذا راحت أمك تصرخ. فمع الصراخ سيبدأ المرض بالخروج منها. هل هذا مفهوم؟



ـ كيف لا أفهم؟ ـ أجاب ابن السمكة. ‏

وبقي في الخارج. ‏

ودخل الغراب العجوز الى الكوخ. هناك في الزاوية، كانت ترقد السمكة، وتتنفس بصعوبة. كانت حراشفها تلتمع من الدهن. «لذيذة!» ـ فكر الغراب، وسأل: ‏

ـ لماذا ترقدين؟ ‏

ـ لأنني مريضة ـ أجابت السمكة. ‏

ـ هل ترغبين، في أن أعالجك؟ ـ سأل الغراب. ‏

ـ ولكن كيف؟ ‏

ـ هكذا! ـ ونقر الغراب السمكة بقوة. ‏

خافت السمكة وصاحت بقوة: ‏

ـ يابني، أين أنت؟ يريد الغراب أن يأكلني! اندفع ابنها الى الكوخ وطرد الغراب. ‏

غضب الغراب، لأنه لم يستطع أن يخدع ابن السمكة، ويأكل السمكة، ونادى جميع رفاقه، وأخذوا يضايقون السمكة وابنها من كل الجهات. اضطربت السمكة وابنها من هنا الى هناك وفجأة ـ سقطا في الماء، ولم يغرقا، ولم يأكلهما أحد، وكان غذاؤهما موفوراً. ومنذ ذلك الزمان صارت الأسماك تعيش في الماء وتعيش حياة طيبة. ‏



[/frame]


look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  06-06-2006 10:20 مساءً   [16]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-03-2006
رقم العضوية : 44
المشاركات : 5,675
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
[frame=2 70]
صانع الأحلام

قصة: طارق البكري

10a

تعيش ريم في بيت واسع جميل تحيط به أشجار عالية من كل اتجاه.. وحديقة جميلة مزروعة بزهور ونباتات خضراء متنوعة.. وفي زاوية منها مراجيح مسلية.

في بيت ريم ألعاب متعددة الأشكال والأحجام..

سيارات.. طائرات.. عرائس تمشي تلعب وتغني.. أقراص حاسوب كثيرة..

فيها ما تشتهيه من الألعاب الالكترونية.. وغير ذلك كثير كثير..

ريم عمرها عشر سنين.. تعيش مع أسرتها الصغيرة المكونة من أب وأم وثلاثة أخوة أكبر منها..

ريم تعيش مع أسرتها سعيدة.. تقضي معظم وقتها بعد المدرسة في البيت والحديقة..

مدرسات ريم يحببنها لأنها متفوقة ومتميزة....



***



في يوم طلبت احدى المدرسات من طالبات فصل ريم أن تتحدث كل واحدة منهن عن أحلامها..

فرحت الصغيرات بذلك.. وتسابقن لرواية أحلامهن..

سعاد حلمت أنها تحلق في الفضاء تركب السفن الفضائية وتطير بالهواء من نجمة الى نجمة..

نورا حلمت أنها صارت أماً وجدةً وعندها بنات وأولاد وأحفاد...

نسرين تحلم بالسفر والتنقل بين البلاد... قالت إنها زارت في منامها دولاً كثيرة، وبعضها زارتها حقيقة، مثل مكة والمدينة والقاهرة.. وتحلم أن تزور باريس لتشاهد ديزني لاند وبرج ايفل...

منى تحلم أنها من أصحاب الملايين.. تعيش في قصور وتملك سيارات لا حصر لها ولا عدد..

ومضت الطالبات يتسابقن في الحديث حتى جاء دور ريم...



***



قالت المدرسة: نعم يا ريم، هيا.. لم يبق غيرك.. أخبرينا بماذا تحلمين؟

لم تتكلم ريم..

احمر وجهها خجلا..

قالت: لا أعلم.. أنا... أنا.. أنا في الحقيقة لا أعرف ما معنى أحلام؟

استغربت المدرسة: ماذا؟؟ غير معقول.. أنت تمزحين..

جميع الطالبات صرن يضحكن بسخرية: عجيب.. إنسان حي لا يحلم.. غير معقول.. ألا تعرفين ما هي الأحلام؟ قالت المدرسة ذلك بدهشة..

وظلت زميلات ريم يضحكن طوال النهار...



***



عادت ريم الى بيتها حزينة.. رأتها أمها.. أحسّت بحزنها.. سألتها: ما بك يا حبيبتي؟

أخبرتها ريم بما حدث.. أصاب الأم العجب..

قالت: لا تقلقي يا حلوتي.. مشكلتك بسيطة وسنجد لها حلاً..



***



في عصر ذلك اليوم ذهبت ريم برفقة أمها الى طبيب مشهور يدعى صانع الأحلام..

روت ريم للطبيب قصتها.. وبدت طوال الوقت حزينة...

قال الطبيب مبسطاً الأمر ومخففا الألم عن ريم: لا تحزني يا ابنتي.. الأمر بسيط ويحدث كثيراً..

قام الطبيب على الفور وأحضر أدوية عجيبة غريبة..

صار يخلط بعضها مع بعض.. هذه نقطة وتلك نقطتان.. وهاتيك ثلاث..

وضع الطبيب الخلطة في أنبوب زجاجي شفاف وقال لريم: اسمعيني وانتبهي لما أقول.. ضعي ثلاث نقاط في عينك اليمنى ونقطتين في عينك اليسرى قبل أن تنامي مباشرة ولا تفتحي عينيك حتى تستيقظي في الصباح... وغدا تعالي لتخبريني عن أحلامك.. سوف تأتي الأحلام وتهجم عليك مثل خيول مسرعة...

كان الطبيب واثقاً متأكداً من كلامه مطمئناً لما يقول..

فرحت ريم وأمها وعادتا الى البيت سعيدتين بما حدث...



***



في صباح اليوم التالي رنّ جرس هاتف الطبيب.... كانت ريم هي المتصلة..

أخبرته أنها لم تحلم على الاطلاق.. ولم تشعر بأي تغيير..

فكر الطبيب..

هذه أول مرة لا ينفع الدواء؟..

قال بعد تفكير: اسمعي يا ريم.. لا أدري ماذا حصل، لنحاول مرة ثانية، لكن أضيفي نقطة أخرى لكل عين...

وفي اليوم التالي، اتصلت ريم : العلاج لم يؤد الى نتيجة..

قرر الطبيب تغيير خلطة الدواء..

ظنّ أن الدواء فيه خطأ..

كرر المحاولة وأعاد تصنيع الدواء من جديد..

وطلب من ريم الطلب نفسه..

لكن التجربة الثالثة كانت فاشلة أيضاً...

أصيب الطبيب بإحباط شديد.. كيف؟

لا يمكن؟

جربت الدواء على نفسي ونجح.. جربته على كثير من الناس... يجب أن اكتشف السر.. يجب أن اكتشف السر..



***



ذهب الطبيب الى بيت ريم، فاستقبلته أسرتها جميعاً.. كلهم يريدون اكتشاف سر ريم..

طلب الطبيب من والد ريم أن يسمح له بدخول غرفتها والتجول في أنحاء المنزل، لأنه يشعر بوجود مشكلة يجب عليه اكتشافها..

فتح الطبيب غرفة ريم..

وجد أجمل الأثاث..

وجد ثياباً رائعة باهظة الثمن..

في كل زاوية من غرفتها رأى لعباً متراكمة..

أحس الطبيب الذي يصنع الأحلام للناس أنه عاجز عن صنع حلم جديد..

ريم لديها كل ما تريد..

تحصل على كل الأشياء الجميلة الرائعة حتى دون أن تطلبها.. دون أن تحلم بها..

فكر الطبيب..

ترى أين المشكلة؟؟؟ لا بد من مشكلة؟؟

فجأة قفز الطبيب صائحا: وجدتها.. وجدتها..

التف حوله الجميع.. بصوت واحد: ماذا.. ماذا.. ماذا وجدت؟

هز الطبيب رأسه ولم يتكلم..

ثم قال موجها كلامه لريم: غداً.. غداً... غداً أعود ومعي دواؤك الشافي بإذن الله...

فرحت ريم..

فرحت أسرتها..

ولم تستطع ريم النوم تلك الليلة..



***



في صباح اليوم التالي عاد صانع الأحلام بوقت مبكر يحمل كيساً كبيراً كبيراً... ريم شعرت بالخيبة ما أن رأت الرجل..

ظنت أن الطبيب أحضر لها ألعابا جديدة..

أنا لا أريد ألعابا.. أريد أحلاما..

ضحك الطبيب: أعلم ذلك.. لا تقلقي..

لم ينتظر الرجل لحظةً ليشرح.. كان شوق أسرة ريم أكبر من الانتظار... وضع الكيس عن ظهره..

فتح الكيس في بهو غرفة الاستقبال..

أخرج منه كتباً جميلة رائعة مليئةً بالدهشة والروعة والأحلام..

كانت الكتب هذه من مكان بعيد يعيد..

كتب تتحدث مع بعضها.. وتتحدث مع الناس..

كتب تتكلم.. تحاور.. تفرح.. تضحك وتبكي.. وتتألم.

أصيبت ريم بالحزن...

قالت متهكمة: كتب.. كتب.. كتب... يا لهذه المفاجئة.. ظننتك ستأتيني بدواء فأتيتني بما يصيبني بالملل ووجع الرأس..

قال لها: انتظري واختاري واحداً من الكتب..

حملت ريم أحدها..

سمعت الكتاب يتكلم يرحب بها.. يرقص بين يديها...

صاحت بدهشة: واو!... كتب تتكلم وتتحرك..

قال لها: بل أكثر من ذلك بكثير... سوف تكتشفين حقيقتها بنفسك..

صاحت ريم: أشكرك يا عمي العزيز... هذا فعلا ما افتقد إليه.. وأحتاجه.. أشكرك من قلبي..

قال لها مؤكدا كلامها: لديك كل الأشياء الجميلة الرائعة.. لكنك لا تملكين مكتبة مثل هذه المجموعة من الكتب.. إنها قصص رائعة.. اقرئي كل يوم قصة.. واحلمي كما تشائين وبما تشائين..

وخرج الطبيب سعيداً باكتشافه.. متأكداً أنه اكتشف سرّ ريم وأنها ستحلم دون شك...



***



في اليوم التالي ذهبت ريم الى مدرستها ركضاً..

بحثت عن مدرستها قبل دخولها الفصل..

قالت لها بفرح كبير ظاهر: آنستي.. آنستي.. أريد أن أخبرك عن حلم جميل رأيته ليلة أمس..

وراحت ريم تروي لصديقاتها ومدرستها كثيراً من القصص والأحلام..

وكان جميع طالبات الفصل مستغربات مندهشات.. لكنهن كن سعيدات بما ترويه لهن من حكايات رائعات يوما بعد يوم...



***

وفي أحد الأيام، جلست ريم في غرفتها بين تلال الكتب الجميلة، وفيما كانت تقلب بينها وقع بصرها على كتاب كبير ضخم لم تلحظ وجوده من قبل..

قالت: ياي.. ما هذا الكتاب الكبير؟؟.. لم أره قبل الآن!!..

أزالت الكتب الصغيرة من فوقه..

حملت الكتاب.. كان ثقيلاً جداً.. أعادته الى الأرض..

تأمّلت غلافه السميك الثقيل..

قرأت بصوت مرتفع: (فراشة الغابة الغريبة).

ثم قالت: تبدو قصة رائعة.. يا له من كتاب..



***



شعرت ريم برغبة شديدة في قراءة القصة..

لكن القصة طويلة طويلة.. وتحتاج الى ساعات وساعات لقراءتها.. وموعد نومها اقترب..

نظرت ريم الى الساعة.. الوقت تأخر..

قالت: لا بأس.. سأقرأ صفحات قليلة ثم أكملها غدا.. ومن يدري ربما عندما أنام أحلم بالفراشات والزهور..

وصارت ريم تضحك وتضحك...

أمسكت ريم الغلاف الثقيل وبدأت ترفعه بصعوبة..

لم تتمكن من فتح الغلاف..

صارت ترفع بقوة أكبر..

ما أن ارتفع الغلاف قليلا حتى أحست بتيار هوائي شديد يمتصها الى داخل الكتاب..

وقبل أن تفكر بالمقاومة اختفت ريم داخل الكتاب الضخم... وهدأت الغرفة تماماً...



***



لم تدرك ريم ما حدث..

كانت المفاجأة صدمة.. لم تكن تتوقع ذلك أبداً..

فتحت عينيها على ضوء قوي قوي..

نظرت حولها..

تأملت المكان، وجدت نفسها في بستان من الورود الجميلة..

النباتات رائعة من ألوان وأحجام مختلفة..

لاحظت ريم أن هذا البستان الذي هي فيه الآن هو نفسه البستان الموجود على صفحة الغلاف..

فيما بدت الغابة العجيبة الغريبة ملاصقة للبستان..

قالت ريم: ما هذا الذي يحدث؟..غير معقول!..

نظرت ريم حولها من جديد وتساءلت: ترى أين الفراشة؟؟ لا أراها الآن!

ثم قالت: يا للعجب.. هل يعقل أنني الآن في قلب الكتاب.. ليتني أستطيع قراءة القصة لأعرف ماذا سيحدث لي الآن؟..

***

نظرت ريم تحتها.. وجدت نفسها فوق شيء ناعم.. رائحته طيبة....

ترى ما هذا الشيء؟؟

أرادت القيام لكنها لم تستطع..

اعتقدت أنها ربما تكون مكبلة.. لكنها أحست بخفة شديدة..

وبدأ المكان الذي وقعت فيه يهتز ويتراقص..

خافت ريم.. أصابها رعب شديد..

أرادت تحريك يديها والتمسك بطرف شيء ما لتتمكن من النهوض.. لكنها لم تستطع..

نظرت الى يديها..

كانت المفاجأة الكبرى..

لقد تحولت ريم نفسها الى فراشة الغابة الجميلة..



***

اكتشف ريم أنها أصبحت تشبه تماماً الفراشة التي على غلاف الكتاب..

لم تستطع ضبط نفسها..

ارتعبت...

صارت تبكي..

سقطت دموعها على المكان الذي كانت تستلقي فوقه..

اكتشفت أنه ليس سوى وردة كبيرة جميلة..

اهتزت الوردة عندما سقطت دموع ريم عليها وقالت: لماذا تبكي يا ريم؟.. لقد سقطت دموعك الدافئة على وجهي..

حضنتها الوردة برفق..

مسحت دموعها بأوراقها الملونة..

قالت بصوت جميل يفوح منه عطر: لا تحزني يا حبيبتي؟ نحن نترقب وصولك منذ زمن بعيد بعيد.. صبرنا كاد ينفد.. فقصتنا تحتاج لأحلامك لتبدأ وتكتمل..



***



تفاجأت ريم الفراشة.. وبدا لها أن سيل المفاجآت ستتوالى ولن تتوقف..

قالت بخوف: يكفي يكفي.. أنا نائمة أليس كذلك؟ أريد العودة الى بيتي الآن.. أريد أن أعود فتاة صغيرة كما كنت... لا أريد أن أكون فراشة...

حركت وردة كبيرة لم تلحظها ريم من قبل عنقها الطويل..

كانت تسمع هذا الحوار، وقالت بصوت ساحر أجمل من صوت العندليب: أتدرين أيتها الفراشة الجميلة، أن مصير هذه الورود كلها وتلك الغابة بأسرها متوقف عليك؟.. أنت جئت لتنقذينا جميعاً من خطر أكيد.. جئت لتنقذينا مما نحن فيه من جمود وخمول وكسل.. أشياء تشبه الموت.. فهذه النسمة العطرية اللطيفة التي مرت منذ قليل جعلت جميع الأزهار تتراقص طربا... لم تأت الا من أجلك فرحا بك وترحيبا بقدومك.. فنحن منذ سنين ننتظر أن تأتي إلينا وتنقذينا.. ننتظر فراشة كما أخبرنا حكماء غابتنا.. قالوا بأن يوماً ما ستأتي فراشة رائعة وتنقذنا من جمودنا وتحجرنا.. ونحن كدنا ننسى هذا الكلام ونظن أنه لن يتحقق لولا قدومك الآن أيتها الفراشة.. فلا تتركينا.. فنحن مسؤوليتك..

في هذه اللحظة.. اهتزت الفراشة بقوة بعدما صفقت الوردة التي تحملها بأوراقها.. لتعلن لجميع الورود اشارة الاستيقاظ من السبات والعودة للحياة.. العودة للأرض.. للحب.. للوطن.. للعطاء..

كانت الورود كلها غارقة بنوم عميق.. والطبيعة غائبة في سبات طويل.. تترقب وصول الفراشة لتوقظها وتحييها من جديد..

على الفور ابتهجت الطبيعة..

سمعت ريم أصوات الطيور تغني.. والمياه تتسابق في النهر وتتدفق من الجداول..

والضفادع تنق.. والنسائم تملأ المكان سحرا وروعة..

عادت زقزقة البلابل تُسمع في كل مكان.. وغنت كما لم تغني من قبل..

رأت ريم كل مشاهد الطبيعة السحرة.. وسمعت ألحاناً مدهشة..

لم تصدق عينيها ولم تقتنع بما رأت وسمعت ووعت...



***



رفعت ريم الفراشة رأسها.. نفضت جناحيها..

كانا جميلين بديعين..

تأملت منظرها البهي الرائع لاول مرة..

لم تدرك ما سر هذه الفراشة التي تأتي فجأة لتحيي الطبيعة البديعة بعد زمن سبات طويل..

أدرك طائر البجع العجوز ما يدور في رأس ريم...

اقترب منها وقال لها بصوت رخيم عريض:أيتها الفراشة الجميلة.. قصتنا كلها تدور حول فراشة.. ونحن أشياء نجمل القصة ولسنا أبطالاً لها.. الكتاب الذي دخلت إليه رسمه رسام فنان ساحر، مات قبل أن يكمل القصة كلها ويرسم الفراشة البطلة.. رسم كل الصور.. وتخيل شكل الفراشة على الغلاف.. تخيلها مثلك أنت تماماً.. لكنه لم يتمكن من رسمها في داخل الكتاب... وقد قال حكماؤنا منذ زمن طويل أن يوماً سيأتي وتدخل في الكتاب فراشة جميلة اسمها ريم تحيي قصتنا وتعيدنا الى عالم الحياة ليقرأها أطفال العالم...

فرحت ريم الفراشة لاختيارها بطلة لقصتهم.. فبعد أن كانت لا تحلم.. ولا تعرف معنى لأحلام.. صارت حلما لآخرين.. وبطلة حقيقية لقصة جميلة تحلم بها كل الطبيعة...



***



وقفت ريم تتأمل بستان الزهور..

راحت تنقل عينيها من مكان الى آخر..

شاهدت الأزهار تتمايل والأشجار تهتز من الطرب.. والغصون تتشابك كأنها تتصافح، يهنئ بعضها بعضاً..

تأملت ريم البجعة الحكيمة وسألتها: "والآن ماذا علي أن أفعل..؟".

أجابتها البجعة: "عيشي حياتك بشكل طبيعي.. وكل أبناء الطبيعة سيكونون بخدمتك...".

هنا بدأت ريم تشعر بالجوع.. فدعتها الزهور لتناول وجبة شهية صحية طبيعية من رحيقها البديع..

قال زهرة: تعالي الي يا ريم هنا طعم الليمون

قالت أخرى: لا تعالي إلي أنا لدي طعم ليس له مثيل...

وصارت كل زهرة تعرض طعامها على ريم.. تطمع أن تكون أول من تأكل منها في الغابة الجميلة..

وصارت الزهور تتمايل وتتحرك وتتنافس فيما بينها لتحظى بشرف ملامسة الفراشة ريم..

استغربت ريم في البدء:

كيف يمكن لي أن آكل رحيق الأزهار؟؟..

قالوا لها : الآن أنت فراشة ولست إنساناً.. تعالي اقتربي لا تخافي..

اقتربت ريم من رأس وردة قربها جربت طعمها...

كان لذيذا جدا..

قالت: ما أطيب طعمك أيتها الوردة الطيبة..

وراحت ريم تتنقل من وردة الى وردة تأكل من كل وردة قليلاً وتمتص رحيقها الطيب..

لكن ريم توقفت فجأة عن الأكل مستغربة مندهشة...

وقالت: غريب حقاً.. أنا لست فراشة حقيقية وآكل رحيق الأزهار..!!!

ياللعجب.. شيء غير معقوووووووول.. لا يصدق.

قالت البجعة الحكيمة: أنت الآن فراشة ولست انساناً، وطعامك طعام فراشات.

لكن ريم لم تقبل هذه الفكرة...

صاحت: أريد لبنا.. أريد خبزاً وقطعة بسكويت..

قال برعم زهرة صغير: ماذا.. ماذا؟ بس.. بس.. بس..ك... ك..ووويييييت.. ما هذه الكلمة الغريبة...؟؟؟

ضحكت البجعة الحكيمة وقالت: إنها نوع من الحلوى يحبها أطفال البشر..

قالت وردة كانت صامتة وتراقب ما يحدث: لكنك لم تعودي طفلة أيتها الفراشة الجميلة.. هيا تعالي إلي.. أنا أقدم اليك رحيقي كله وليمة لك.. فمنذ أن رسمني الفنان لم أحظ بهذا الشرف العظيم.. هيا أرجوك..

رفضت ريم الفراشة كل هذا الكلام.. ونفضت جناحيها..

حملها الريح برفق حتى بلغت الغابة القريبة...



***



ما أن وصلت ريم الى الغابة.. وكانت أشجارها قد عرفت بقدوم الفراشة.. صارت تصفق بكل قوة ترحيبا بقدومها..

ومن شدة التصفيق خافت الفراشة وكادت تسقط على العشب..

بسطت شجرة قريبة منها غصناً ليناً من أغصانها والتقطتها بأوراقها الخضراء الندية..

قالت الشجرة:

مرحباً بك يا أجمل فراشات الدنيا.. نحن ننتظرك منذ زمن بعيد.. لا يليق بنا أن نتركك تقعين على أرض الغابة.. نخن هنا كلنا بخدمتك أيتها الجميلة اللطيفة.. كم اشتقنا الى وصولك.. كاد اليأس يصيبنا بالموت.. نحمد الله على وصولك بالسلامة..

قالت الفراشة مندهشة أكثر وأكثر:

يا لغرابة ما يحدث.. يا لهذا العالم الغريب.. كل شيء يتكلم ويتحرك...

تحركت أغصان شجرة كبيرة مسنة..

قالت بصوت هامس:

نعم يا صغيرتي.. صدّقي.. لاحظي عمري الطويل.. وراقبي أغصاني التي شاخت.. وأوراقي التي جفت.. وتأملي جذعي الضخم وجذوري التي نبتت الى سطح الأرض.. هل سأكذب عليك وأنا في هذه السن؟؟ تعالي يا حلوتي،، تعالي لأحضنك بين ضلوعي الطرية..

خافت الفراشة على ملمسها الناعم أن يتجرح بين أغصان الشجرة..

تراجعت الى الخلف..

كان جوعها يشتد وبطنها تؤلمها من الألم.

صاحت: يكفي.. يكفي.. أريد طعاماً.. أنا جائعة جائعة.. جائعة..

نادتها أشجار الموز والخوخ واللوز:

تعالي الينا وذوقي طعمنا اللذيذ الشهي... تعالي لا تخافي..



***



نظرت الفراشة نحو ثمار الأشجار تتدلى كأروع ما تكون..

رغبت فعلا بالاقتراب منها..

كانت شديدة الجوع..

ولما همت بالاقتراب اعترض طريقها طير صغير سريع الطيران..

قال لها بلهفة: لا تصدقي لا تقتربي منها.. ثمارها سامة.. ستقتلك أيتها الجميلة.. هذه الأشجار سامة.. تريد قتلك والتخلص منك لانها تحب النوم.. وتريد أن تظل كل الطبيعة نائمة ساكنة خاملة مثلها.. هي لا تحب الحياة.. ابتعدي عنها... ابتعدي..

تعجبت ريم من هذا الطائر الجميل كيف يتكلم..

قالت: لماذا تقتلني.. ولماذا لا تحب أن تستيقظ الطبيعة؟!

قال العصفور: لأنها لا تحب الحياة.. ولا النشاط.. كل الأشجار كانت سعيدة بوصولك الا تلك الأشجار الثلاث.. وكل من لا يحب الحياة..

لم تقتنع ريم.. نادتها شجرة الموز: تعالي يا حلوتي.. هذا العصفور يريد أن يظل يأكل ثماري لوحده.. يريد أن يبقيها للطيور أمثاله.. تعالي لا تخافي..

كانت ريم جائعة جدا..

وهذه الأشجار هي الأشجار المثمرة الوحيدة القريبة منها وهي تريد أن تأكل بسرعة..

أرادت الاقتراب من شجرة الموز وتناول موزة واحدة تسد بها جوعها..

حاولت الاقتراب منها فهبت ريح قوية حالت بينها وبين الشجرة..

قالت لها الريح:

سأحملك الى مكان جميل ملئ يالعسل الطيب الشهي.. والثمار اليانعة الرائعة الحلوة الشهية.. فنحن أحباء الطبيعة نريدك وسنحميك من الخطر..



***



فجأة وقبل أن تفكر ريم الفراشة بما حدث..

وجدت نفسها في ناحية أخرى من الغابة..

قرب واحة جميلة يحيط بها النخيل من كل جانب.. والأشجار منتشرة على ضفافها..

وقرب الماء وردة كبيرة مثل كأس ضخم ملئ بالعسل الذهبي البراق..

اقتربت ريم بسرعة ناحية العسل تريد التهامه..

فجأة خرجت سمكة من الماء وصاحت بها:

انتبهي انتبهي.. هناك أفعى سامة دخلت منذ لحظات في العسل.. لا تقتربي ستقتلك..

ترجعت ريم الفراشة.. قبل لحظة واحدة من ظهور رأس الأفعى الشريرة..

كادت تفتك بها لأنها لا تحب الحياة..

فاهتزت البحيرة غاضبة وانقضت الطيور من كل جانب تضرب الأفعى بمناقيرها..

هربت الأفعى لكنها بثت سمها في العسل لكي يموت من يأكل منه..



***



ذهلت ريم من هذا المشهد المخيف..

كادت تموت لولا السمكة والطيور..

راحت ريم تشكر السمكة والطيور على ما فعلوه من أجلها..

لكن ريم ما زالت شديدة الجوع..

التفتت فرأت شجرة جوز هند ضخمة..

رأت الشجرة تنظر اليها بلطف وحنان..

تحرك أغصانها تدعوها اليها.. لتأكل من ثمارها الشهية وترتوي من مائها الحلو اللذيذ..

صممت ريم هذه المرة أن تصل الى الشجرة مهما كانت الأخطار..

صارت الطيور تناديها بكل قوة..

الأشجار تهتز بعنف..

الريح لم تستطع منع ريم..

مياه الواحة ترتج بقوة...

زهور البستان تصيح..

الجميع: توقفي. ابتعدي..

لكن ريم لم تعد تهتم..

فهي إن لم تأكل ستموت من الجوع...



***



كات ريم في قمة جوعها.. قالت: سآكل من الشجرة مهما كان الخطر..

ولو كانت سامة من الأفضل لي أن أموت من السم وأنا شبعانه خير من أن أموت من الجوع...

وصلت ريم الى الشجرة..

ضحكت الشجرة ضحكة ماكرة..

قدمت لريم أكبر ثمارها.. وما أن فتحت ريم فمها لتأكل حتى أحست بهواء يطير بها من جديد..

لم تستطع المقاومة.. راحت تسقط وتسقط في واد عميق عميق...

حتى وقعت على أرض طرية...

نامت على الفور من شدة التعب...



***



بدأ النور يدخل المكان قليلاً قليلاً..

سمعت ريم أصواتاً حولها.

ريم .. ريم.. استيقظي.. حان وقت ذهابك الى المدرسة..

فتحت ريم عينيها.. لم تصدق أنها لا تزال على قيد الحياة.. وأنها عادت لغرفتها..

وقفت على قدميها تتأمل جسدها كله..

كانت مندهشة من كل ما حدث...

بحثت عن الكتاب فوجدته لا يزال في مكانه..

تأملت غلافه فرأته كما هو ولكن الفراشة اختفت..

لاحظت أن الأشجار والزهور والطبيعة حزينة تنظر إليها بألم..

قالت ريم لأمها: إني جائعة جائعة... أكاد أموت من الجوع..

ضحكت الأم: ترى بماذا كنت تحلمين الليلة الماضية؟؟

نظرت ريم الى يديها.. قالت: أحلم؟ بماذا أحلم؟؟ أحلم؟ لم أكن أحلم..

ريم لم تخبر أمها بقصتها.. لم تخبرها بقصة الكتاب..

قصة فراشة الغابة...

لأنها بالتاكيد لن تصدقها.. وستقول لها بأنها صارت تتخيل أشياء لا وجود لها..

لكن ريم ظلت تحلم وتحلم وتحلم.. دون أن تقترب من الكتاب السحري.. فقد أغلقته باحكام ووضعته في صندوق حديدي ودفنته في أعماق حديقة المنزل..
[/frame]

look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  06-06-2006 10:23 مساءً   [17]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-03-2006
رقم العضوية : 44
المشاركات : 5,675
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
[frame=9 70]

سـمر والقمــر

قصة: طارق البكري

blue_moon


طلع القمر مكتملاً هذه الليلة.. مستديراً مشرقاً مثلما يكون عادة في ليالي صيف منتصف الشهور القمرية..

بدا الجو ساحراً والنجوم تزيّن السماء، والقمر البهي فخوراّ بنوره اللامع البراق...

كمن غسل وجهه بماء من فضة ولا تزال نقاط الماء تنساب على جبهته..

نظرت سمر من نافذة غرفة نومها..

فرحت بهذا المشهد البديع..

رفعت يدها..

لوحت بكفها كعادتها في كل ليلة تكتمل فيها استدارة القمر.. لتلقي عليه التحية..

تحية الكمال.

هذه المرة شعرت برعشة القمر.. يهتز كأنه يريد رد التحية.. يلوح لها بكل قرصه المستدير..

فرحت فرحاً كبيراً..

إنها المرة الأولى التي يرد القمر فيها سلاماً..

جلست قرب النافذة على كرسي صغير تراقب القمر.. كانت النجوم من حوله تهتز طرباً..

قضت سمر ليلتها تسامر القمر..

دهم النوم عيني سمر.. فيما كانت النسائم تمسح وجنتيها..

اقترب القمر، دنا منها شيئاً فشيئاً.. كيلا يوقظها..

عندما وصل نافذتها الصغيرة فوجىء القمر..

وجد الكرسي فارغاً.. سبقته أمها وحملتها الى السرير..


[/frame]





وتصبحو على خير
بونوي
سويت دريمس
نايتي
:)

look/images/icons/i1.gif حواديت قبل النوم للحلوين واحلى بنات وبنين
  07-06-2006 03:54 مساءً   [18]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-04-2006
رقم العضوية : 241
المشاركات : 8,228
الجنس :
يتابعهم : 0
يتابعونه : 0
قوة السمعة : 10
تم شكره: 0
هههههههههههههههههههه
مشكورة اختى الكريمة لقيت روحى على القصص الرائعة
كل لما بدى انام بقرأ قصة
ههههههههههههههههههه
دمتى للهنا بخير
تقبلى تحياتى

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 2 < 1 2 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
النوم يخفف الوزن الزائد جنان
11 38 جنان
النوم يخفف الوزن الزائد جنان
0 28 جنان
الديكور و التشكيلية واسع من غرف النوم عاشق الاحزان
8 33 عاشق الاحزان
فوائد النوم في الظلام عاشق الاحزان
19 112 عاشق الاحزان
فائدة النوم فى الظلام amro
0 11 amro

الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 07:03 PM