

كثيراً ما نندفع إلى المواقف التي نتّخذها بغير وعي منّا ولا تفكير ..
ومع زحمة الحياة ، وكثرة المشاغل لا يجد كثير منّا من الوقت ما يسعفه إلى مراجعة نفسه ، وإعادة النظر في موقفه ..
ومَبدأ الخلل أنّنا لا نفَكّر في مواقفنا بعد القيَام بها ، بل بصراحة أكثر ، وتعبير أدقّ :
نهرب من التفكير في مواقفنا ، ونحاول الابتعاد عنها كشبح يطاردنا ،
إنّ هُناك جملةً منَ الحقائق تجعَل التفكير في مواقفنا بعد اتّخاذها ، وإعادة النظر فيها ، وفي آثارها وثمراتها من أهمّ ما ينبغي أن يملك عليه الإنسان الجرأةَ والشجاعةَ ، وألاّ يصدَّه عَنْ ذلك شيء :
1 ـ إنّ التفكير في المواقف مِن أهمّ أسبابِ اكتشاف الخطَأ ، ومكامِنِ الخلل ، الذي هو مبدأ تقويم الأخطاء وتصحيحها ، وليسَ من شَأن المؤمن أن يصرّ على الخطأ بعد تبيّنه ، فذلكَ من مجافاة الحقّ التي هي من مظاهر الكِبْر .. { فالكِبْرُ بطَرُ الحقّ ، وغمط الناس } ، كما جاء في الحديث الصحيح
، ومن كلام الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه في كتابه لأبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه : "ولا يمنعنّك قضاء قضيته بالأمس ، فراجعت فيه نفسك ، وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحقّ ، فإنّ الحقّ قديم ، لا يبطله شيء ، ومراجعة الحقّ خير من التمادي في الباطل" .
كما أنّ الإصرار على الخطأ يضعف ثقةَ الناس بنا، ويحدث جفوة وبعداً نفسيّاً بين الأفراد، لا تدرك آثارها ، لا تحمد عقباها .. والإصرار على الخطأ يجرُّ إلى الخطأِ ، وربّما جرّ إلى خطأ أكبرَ من الأوّل ، وربّما قاد إلى سلسلة من الأخطاء
2 ـ إنّ التفكير في المواقف هوَ نوع من المراجعة والتقويم ، التي أصبحت لها الأهمّيّة القصوى في هذا العصر ، لكلّ عمل من الأعمال ، ولكلّ جانب من جوانب الحياة .. وهما مبدأ التطوير والرقيّ في كلّ الميادين والمجالات ..
فلماذا نهرب من التفكير في مواقفنا .؟!
ألأنّها تدلّ على ضعف الثقة بها لأنّها نتيجة الارتجال وردّة الفعلِ .؟
أم لأنّها تدلّ على ضعف الثقة بأنفسنَا في معالجة الموَاقف وإدارة الأزمات .؟!
أم هي نوع من اللامبالاة بها ، والتقليل من شأنها ، والانصراف إلى ما يأخذ علينا وقتنا وتفكيرنا من هموم الدنيا ، ومشاغل المادّة .؟!
وَكيف يمكن اكتشَاف الخطأ بغير التفكير في المواقف .؟