بوس الواوا .. ليك الواوا.. خلى الواوا يصح.. لما بستوا الواوا.. شلتوا صار الواوا بح..بلبس لعيونك يا حبيبى جديد ودح. أنا من دونك أنا بردانة أح".. عفواً عزيزنا القارئ ، فلم نقصد تلويث سمعك بهذه الكلمات الإباحية بل أردنا عرض بعض كلمات الأغنية التي أطلت علينا بها المغنية الملهمة هيفاء وهبي التي أجمع النقاد على أن أغنياتها يجب مشاهدتها لا سماعها ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل فاجأتنا مغنية جديدة لا تقل عن مثيلتها في ترشيد استخدام الملابس وتدعى دومينيك حوراني على نفس مبدأ "الواوا" تقول فيها : "لا تلعب بالنار ... واوا أح ولا تخليني غار ... واوا أح".
والمذهل في تلك الحرب الكلامية بين المطربتين التي تدعي فيها كل منهما أنها صاحبة الملكية الفكرية لـ "الواوا" وهي ما تعرف بموجة " الواوا" والتي من المفروض أن تكون أغنية للأطفال ولكنها في الحقيقة أغنية خطر عليهم وليس لها أي علاقة بالأطفال لأنها استغلال واضح وصريح لبراءة الأطفال ، لكي تضرب الأسرة العربية كفاً على كف ويقول لسان حالها "حتى الأطفال يا هيفا" .
كالسيل هبطت علينا المغنيات اللاتي لا علاقة لهن بالغناء أساسا والغريب أنهن استعانوا بالأطفال في كليباتهن بل ويرتدوا ملابس الأطفال ويدعون براءتهم، فهيفاء مثلا تظهر في الكليب بدور مربية أطفال، لطفل عمره سنة ونصف تربطها علاقة عاطفية بشاب وسيم ، وحين تخرج معه ليلا تأخذه معها للسهرة فيتضايق حبيبها لاهتمامها الكبير به، وقبل لحظات من عودة أهل الطفل، تقوم بإعادته للمنزل .
بينما تأتي دومينيك في كليب "الواوا" دور أم لديها طفلين ومشغولة بتربيتهم، ويحاول زوجها بعدة وسائل لفت انتباهها واستفزازغيرتها .
ونلاحظ في الأغنيتين أن المطربتان تنافسن في الإثارة مستخدمين براءة الأطفال لتوصيل بعض الإيحاءات الجنسية المبتذلة، بل ويتنافسن في تقديم ذلك من خلال أجسادهن أي أن الغناء تحول لديهن من التعبير بالصوت إلى التعبير بالجسد وضحايا هذا الموضوع هم الأطفال .
بل تصادف" موجة الواوا" هذه ظهور بعض الأخريات المدعيات الغناء للأطفال أمثال روزي وهي تردد "نوسو نوسو بابا"، ولا نستطيع أن ننسي مروي صاحبة الأغنية الشهيرة " أنت ما بتعرفش" التي اتجهت أيضا للأطفال بملابس شبه عارية لتغني " يختي جماله".
فضيحة وابتذال
ويعلق الموسيقار حلمي بكر علي هذه الظاهرة قائلا لمجلة سيدتي : "ما لـ هيفاء وأغنية الطفل أليس هناك من أصوات أقدر على توصيل أغنية الطفل بدلاً منها؟.. ما قدمته هيفاء في أغنية " الواو" ـ وارفض تكملة بقية كلمات الأغنية ـ لأنها ليست غناء وإنما أشياء أخرى، هو فضيحة وابتذال، وهي لم تقصد أن توجه هذه الأغنية للطفل ولكن للكبار، وكانت تريد أن توصل رسالة أخرى من وراء تلك الأغنية وقد وصلت تلك الرسالة وفهمنا ما بين سطورها.. لكن ما حدث هو أيضاً شهادة ابتزاز للأطفال وليس غناء لهم.. وإذا كانت هيفاء قد اعترفت بنفسها بأنها ليست مطربة وإنما مؤدية، فإذا كانت ستؤدي أغنية جيدة بكلام جيد للطفل فأهلاً وسهلاً بها، ولكن أرى إن ما قدمته سيجعل بعض الأطفال يطلبون يدها غداً.. وهيفاء معروفة للجميع بأنها تبيع شكلاً وإثارة وليس لها علاقة بالغناء .
أما الشاعرة كوثر مصطفي فتقول لمجلة الكواكب: "هذه ألاغاني ما هي إلا جريمة جديدة ترتكب في حق الأطفال فهؤلاء المطربات يستخدمن الأطفال كأداة معهن في كلبيباتهن وكأنه مثلا جزء من الديكور لأنهن لا يقدمن أغاني لها علاقة بالطفل أساسا فكلا منهن تريد تقديم أغنية مثيرة وتحاول أن تحرك غرائز الرجل سواء بكلماتها أو ملابسها أو إيحاءاتها .
بينما أكد الشاعر مصطفى مرسي أن ما قدمته هيفاء يضرّ بعقلية الأطفال ويستهدف غرائزهم وليس مشاعرهم وهناك فرق كبير بين المشاعر والغرائز.. ووجّه مرسي كلامه إلى هيفاء قائلاً: "استمري أنت في حالك وفي طريقك واتركي أطفالنا في حالهم.. إننا لا نريد أن نتركهم يكبرون على أغنيات تترك أثراً سلبياً في حياتهم وتنمّي فيهم مشاعر وغرائز سلبية، وهم مازالوا في مراحل مبكرة من العمر.. هناك أصوات عندما تقدم أغنية الطفل يكون بينها وبين الطفل حالة فنية ومزاجية تجعل هناك رغبة في الاستفادة من هذه الأغنية أو تلك خاصة إذا كانت تقدم لهم شيئاً ايجابياً.. أما أن تؤدي هيفاء أغنية للطفل فهذا ابعد ما يكون عن لونها الغنائي المثير" .
تمثال لعدوية
تدعونا تلك الظاهرة إلى العودة للوراء قليلاً حيث أثار المطرب الشعبي أحمد عدوية حالة من الغضب بالشارع المصري وبين الجمهور والمستمعين حين غنى أغنيته الشهيرة " السح اندح امبو" ، وقتها خرج عليه النقاد يسبونه ويتهمونه بإفساد الذوق العام وتشويه أغنيات الأطفال بالرغم من أن كلمات الأغنية لم تكن تحمل في طياتها أي إيحاءات كما هو الحال في "الواوا"، ولو كان يعلم النقاد في ذلك الوقت أنه بعد مرور سنوات طويلة ستخرج عليهم واحدة مثل هيفاء لكانوا نصبوا لعدوية تمثالاً .
وقبل عدة سنوات خرج علينا أيضاً الشاعر عنتر هلال بأغنيته "بابا قول لماما دح بابا أوبح أنت حب أنا صح بابا أوبح" وفي وقتها اتهمه البعض بالترويج للأغاني الهابطة الذي تضر سلوك الطفل فما بالكم "بالواوا" الذي اصبح أطفال الوطن العربي كله يرددها وكأنها نشيد وطني.
لدرجة أن هناك بعض من الدول العربية انتبهت لخطر " الواوا" علي عقول الأطفال وفي مقدمتهم سوريا، حيث قررت إذاعة دمشق حظر التعامل مع المطربة اللبنانية هيفاء وهبي، والامتناع عن إذاعة أي من أغانيها وخاصة أغنية " بوس الواوا، التي تحمل جرأة، وصلت إلى حد الوقاحة على حد تعبير أحد الإعلاميين السوريين.
أغاني زمان

وإذا تذكرنا الأغنيات التي تربيننا عليها فأول ما يقفز إلى أذهاننا
تتهادى إلى مسامعنا تلك الأغنية الرائعة التي قدمها محمد فوزي "ماما زمانها جاية" التي تخاطب الطفل نفسه بدون أي إيحاءات أو أغراض أخرى فالأغنية لها هدف ومعني حيث يقول في أحد مقاطعها "عارف الواد اللي اسمه حمادة جا الدكتور وعمل له إيه، أداله حقنة كبيرة، عارف أداله حقنة ليه، مابيشربش اللبن الصبح وأصحابه ضحكوا عليه" .
وإذا تأملنا في طبيعة أغاني الأطفال التي كانت تؤديها بعض الفنانات والتي كانت ومازالت تلمس مشاعر وأحاسيس أي أم مثل أغنية شادية " سيدي الحبايب " وأغنية صباح " حبيبة أمها"، سنلاحظ الفرق بينهما وبين ماما دومينيك في كليب "الواوا" .
وأيضاً أغنية "ذهب الليل طلع الفجر والعصفور صوصو"، وأغنية محمد ثروت "ياطيور النورس يللي مجاوريني، غنوا سوا كورس واهتفوا ورا مني"، والأغنية الشهيرة لـ عفاف راضي "سوسة كف عروسة، سوسة واللي يصفق، يستأهل منى بوسة"، كلمات كل تلك الأغاني تعمدنا ذكرها حتى نلاحظ كم هي جميلة وبريئة في نفس الوقت ولا تحمل أي ابتذال